كربلاء: صلاح السيلاوي
احتفى اتحاد أدباء كربلاء بصدور رواية "حلق مع الحمام" للروائي والقاص أحمد طابور عبر أمسية أدارها الناقد الدكتور عمار الياسري وحضرتها نخبة متميزة من مثقفي وجمهور الادب والثقافة في المدينة.
الأمسية التي أقيمت على قاعة الاتحاد في مقره المؤقت داخل المكتبة المركزيَّة وسط المدينة، ابتدأت بحديث مديرها عن الرواية المحتفى بصدورها "حلق مع الحمام"، مشيراً إلى أنّها تستحق القراءة وأنّها تختزل ملحمة وجوديّة لكشف أنساق مضمرة مرَّ بها العراق، إذ لم تعتمد على أدب السجون والثورات والرفض بشكل وثائقي مباشر، بل حاولت سردنة هذه السنوات التي مرت بها كربلاء بشكل خاص والعراق عموما في مرحلة التسعينات والثمانينات من القرن المنصرم، لافتاً إلى اعتماد الروائي على توظيف الهامش السياسي والحياة الاجتماعية في بنية الرواية وهي تتحدث عن ثائر يدعى حيدر كان طالباً جامعياً مرَّ بمتغيرات سياسيّة فقد فيها أهله، ثمّ يتعرّف على مجموعة من الأصدقاء ويعيش قصة حب وجوديّة بنيت على لقاء عابر، مؤكداً على أن طابور يكشف عبر هذه الرواية الكثير من الأنساق المضمرة التي حاقت بالذات الكربلائيّة والعراقيّة، وأن ما يلفت النظر فيها هو القدرة الجميلة على ابتكار أسلوب روائي مغاير اشتغل فيه الكاتب على توظيف المشهديَّة السينمائيَّة حين قسم الرواية على 54 فصلاً، كانت عبارة عن أصوات سرديَّة تنتمي الى تعددية الروي ولم يعتمد فيها على القص أو نقل الحكاية على مجموعة شخصيات، بل وظّف فيها التكرار والمقاربة الايديلوجية والاجتماعية والثقافية.
وأضاف الياسري بقوله: النسق الثاني المعتمد في بنية الرواية هو انفلات الأزمنة إذ إنّك تتنقل ما بين أزمنة استشرافية واسترجاعية في نسق دائري متناوب يبدأ من نقطة ويعود إليها فضلا عن توظيفه لأنساق أخرى.
المحتفى به تحدث عن روايته وتجربته، لافتاً إلى أن الكتابة بالنسبة له كانت فناً مهماً للخروج من أزمة، متحدثاً عن أزمته الصحيّة التي ألجأته للكتابة ثم تكلّم عن الرواية وبدايتها، مشيراً الى أنّها متخيلة بكل تفاصيلها ما عدا لقاء البطل والبطلة المسمّاة فاتن مبيناً أن ذلك اللقاء هو جزءٌ من حياته الجامعيّة، مؤكداً أنّه بنى عليه ما تمكّن من الخيال، تحدث بعد ذلك عن حياته في سويسرا وكيف طور أدواته هناك.
وفي إجابته لسؤال مدير الأمسية عن سعي المحتفى به لتفكيك ظلامية النظام البعثي السابق وما جاور تلك الحياة السلطوية من أنساق ثقافية معينة في الكتابة، تكلم طابور مبيّناً أنّه كتب بطريقة تنبع من الحياة الاجتماعية حاول فيها طرح ومعالجة بعض المشكلات عبر ما يستطيع رؤى سردية.
ولفت المحتفى به إلى أن رواية "حلق مع الحمام" هي متنفس وجودي لما أراد صياغته في الحياة مشيراً أنّه كان يتمنى أن يغتال برزان ذلك الاغتيال الذي يمثل ثيمة سردية في الرواية خاصة وأنه عندما خرج من العراق هارباً من النظام السابق، خرج بروح ثوريَّة. وعند حديثه عن الانتفاضة الشعبانيَّة أكد أن مجموعته القصصيَّة "رائحة القصب" كانت تحمل هذا الهم.
وفي جانب آخر من حديث طابور أوضح أنّه وضع الحب في الذروة إذ كان هو الثيمة الرئيسة التي ينطلق من خلالها الأبطال في الرواية.
وفي عودته لبداياته أكد عدم تصوره أنّه سيكون كاتبا في يوم ما، ولكن الأحداث التي مرت في العراق عام 1991 واضطراره للهروب من النظام وتخفيه في قرية الصلاميَّة شرق كربلاء وفرت له جواً ثقافياً وقرائياً متميزاً وقد تميز حديث المحتفى به بصدق كبير حين أكد أنّه كتب كثيراً في تلك البدايات إلا انه مزق كل تلك الكتابات بعد أن اكتشف انها لا تساوي شيئاً على حد تعبيره، مبيناً انه ابتدأ بداية أخرى مثمرة أنتج خلالها "رائحة القصب" و"وجع الأمكنة" و"حلق مع الحمام" والاصدارات الأخرى.
ابتدأت بعد ذلك المداخلات التي أسهم بتقديمها الشعراء نبيل نعمة وصلاح السيلاوي وعدنان الموسوي ومحمد الصفار وحيدر عبد الرحيم، وتضمنت آراء عن رواية "حلق مع الحمام" وغيرها من منجزات المحتفى به فضلاً عن آراء وأسئلة تخصُّ سيرة المحتفى به، ومراحل تلك السيرة وانتقاله بين عالمي الرياضة والسرد وتجسير حياته على العالمين المختلفين.