النشيد الأولمبي.. نيران الأمل

ثقافة 2025/02/03
...

  بغداد: الصباح


بين الاكتئاب ومشاعر الوحدة والقلق والرحيل والانتحار والحب تدور أحداث رواية "النشيد الأولمبي" للروائي السوري راهيم حساوي الصادرة حديثاً عن دار نوفل/ هاشيت أنطوان.

الرواية التي تجسّد علاقة "علياء ولوكاس" تبدو حياتهما متناقضة لكنها تتقارب بشكل كبير ونحن نعيش على كوكب يمتلئ سكانه بالأوجاع والمآسي.  

لوكاس الطيار الروسي الذي يعاني من نولستوجيا طفولة لوثتها أمه وعشيقها عبر أحداث تأبى ألا تنزاح من ذاكرته، هو يحملها بثقلها داخله حتى بعد أن أصبح ضابطاً جوياً..  بينما علياء فلا تبدو حياتها مغايرة بالشكل العام، حيث انتحار شقيقها وموت والدتها حزناً عليه ورحيل والدها المثقل بالكآبة.. تلك الأحداث المضطربة وغيرها عبر تفاصيل الرواية أثرت كثيراً على حياة أبطالها وشكلت عبر ثلاثيَّة "الخيبات والقهر والحب" الوحدة الصامتة.

وتوضح الرواية بدقة متناهية عبر صفحاتها كيف يتفاعل الأبطال مع بيئتهم. وتظهر الأحداث في إشارة إلى ممارسة تحرير تصورات المرء الذاتية بشكل انتقائي غاية في تصفية دواخلهم، لأن ما يكمن في الذاكرة من مآسٍ وأوجاع يكشف عن طبقات خفية من التعقيد والمعاناة في مواجهة الواقع. 

ربما يذكرنا عنوان الرواية "النشيد الأولمبي" بعبارة "أشعل قلوبنا بنيران الأمل" من كلمات أغنية النشيد الأولمبي الذي عزف لأول مرة في حفل افتتاح النسخة الأولى من الألعاب الأولمبية الصيفية عام1896  في اثينا باليونان، وهو بالتأكيد يحمل الكثير من الدلالات السرديَّة والمفاهيم الفلسفيَّة والرمزيَّة. 

حساوي الذي أمضى عاماً ونصف العام في كتابة هذه السردية كتب على الغلاف الأخير للرواية: "حينها مدّت يدها نحو الشمس لترى كيف يتخثّر الدم على الجلد، وفي اليوم الثاني رأت هذا الدم اليابس مثل وجهها البريء الذي يخفي وراءه الكثير من الأشياء. أحبّت الطبيعة التي حدثت فوق ذلك الجرح، وفي اليوم الثالث راقبت القشرة اليابسة وهي تتشقق من تلقاء نفسها، كما لو أنّ ثمّة ولادة جديدة على يدها، حتّى أنّ مفهوم مرور الوقت أعجبها، وهي في هذا العمر دوماً ترى أنّ مفهوم الزمن على علاقة وطيدة باللغة، سواء كانت لغةً منطوقة، أو لغة تدور ما بين المرء ونفسه، وهذا ما يجعل علياء تبدو جميلةً في عالمها الداخلي، حتى في لحظات انكسارها".

وراهيم حساوي روائي سوري له العديد من الإصدارات مثل "السيدة العانس، الشاهدات رأساً على عقب، الرخام، الباندا" وغيرها.