ترند الحجيّات

الصفحة الاخيرة 2025/02/03
...

عبدالهادي مهودر

هو حوار صادق جداً مع النفس والحقيقة ومع مآلات نهاية العمر وتعليقات بريئة على خطوط وحفريات الزمن وخارطة التجاعيد التي رسمها على وجوه الحبّوبات الساكنات كالنسمات بين جدران المنازل المتعبة وفي وسط القلوب، بل هو الحوار الأصدق لشاهدتين على العصر الذي عصرهنّ عصراً، والأنقى والأعذب والأكثر براءة من الحوارات العقيمة والجدل المتواصل في الحياة ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واتمنى لمن فاته مشاهدة المقطع القصير لإمرأتين عراقيتين طاعنتين في السن أن يشاهده ويرى حجم الطرافة والتلقائيّة والبراءة لعجوز تستخدم كاميرا موبايلها الشخصي بمهارة وتحاور نفسها وتتفاجأ من قسوة الزمان عليها بعد طول العمر وتقول " دخيلك ربي خلقتي صايره خرابة لا عيون ولا سنون" وتطلب من زميلتها الحاجة المستلقية على فراشها والتي تبدو أكبر سناً التعليق على انعكاس صورتها في كاميرا الموبايل فتختلس نظرة سريعة وتشاطرها التعليق نفسه وكأنهما تواجهان الحقيقة المرة للمرة الأولى وتعلنانها بلا تردد في بث مباشر إلى الجمهور وحقه في الحصول على المعلومات، ليتصدر ترند الحجيات مقاطع المشاهير والفاشنستات المنتفخات المصنوعات من البلاستيك المعاد، وهذا هو الفارق الكبير بين التلقائي والمصطنع والحقيقي والمزيّف في الحياة وفي عالم السوشيال ميديا، فكم مقطع تلقائي نجح في كسر الحدود وكم مقطع مصطنع فشل في الصمود لدقائق معدودات في العالم الافتراضي الذي جنّن الناس وأخرجها من وقارها؟ وقطعاً لاتستطيع الحجيات لفظ عبارة السوشيال ميديا بما تبقى من أسنان، وقطعاً أيضاً لم يمر مشرط طبيب التجميل على وجوه الحجيات الطيبات فكل شيء ربّاني من صنع الله الذي أحسن كل شيءٍ صنعا، والصدق في تعابيرهن نابع من صدق الملامح الطبيعية التي وصلت رسائلها إلى القلوب بلا استئذان ولا تخطيط ولا تمثيل، وهل تعلم الحجيتان أنهنّ صانعات محتوى رقمي هادف ومتفوق على صنّاع المحتوى الهادف والهابط على حد سواء بقياس الجهد والتفكير والاستعداد

المسبق ؟ 

اقترح على هيئة الإعلام والاتصال التي صادق مجلس مفوضيها على لوائح المشاهير وصنّاع المحتوى الرقمي توجيه تحية وزيارة لصانعات البهجة البريئة ومقدمات الدروس البليغة في التلقائية لمحتواهنّ الهادف بلا هدف مقصود والمؤثر بلا دراسة ولاتحضيرات ولا تمويل لزيادة أعداد المتابعين والمعجبين، صاحبتا النية الصافية والدرس البليغ للمغرورين والمغرورات بحيث لم يعجبهنً من هذه الدنيا الفانية غير (شحاطة

خيرية)!