حدائق هولندا تعكسُ مزاجَ سكانها

منصة 2025/02/04
...

 أمستردام : آمنة عبد النبي


زيارة الحدائق الآسرة تشبه الدخول إلى معرض فني مفتوح تحت سماء الطبيعة؛ لأنها باختصار تعكس أرواح ومزاج من أنشؤوها، فمثلا هذه الحديقة لامرأة مسنة تحاكي سنوات حكمتها، وتلك لزوجين يافعين تنبض بالعشق، أما تلك البعيدة فملاذ لرجل وحيد يغرس وقته بين الأغصان؛ لأن أنامله أشبعت بخضرة الحياة.

تشويه المزاج

الحديقة عند الهولنديين سواء كانت عامة أم خاصة، هي ثقافة وأسلوب حياة بحسب ما يعتقده الكاتب ناجي سلطان، أحد سكان امستردام، قائلاً: هي سلوك وجزء أساسي من تفاصيله اليومية المهمة لدرجة أن أحد أهم المشكلات النفسية التي تواجه الناس هنا، هي كون حديقة الجيران غير مرتبة، ما يؤثر بنفسياتهم، لأنها تشوه المزاج، ومنطلقاتهم كثيرة بهذا الشأن، فمثلاً بيوت الهولنديين صغيرة لذلك دائماً يلجؤون إلى الفضاء ويقومون بتكبيره، فيشمل البلكونة، ولذلك يعتنون بها كثيراً لدرجة تجبر كل من يمر أمامها أن ينجذب لها، وطبعاً للأرض الخضراء قيمة رغم الثورة الصناعية وجرفها لكل شيء تقليدي، إلا أن الجزء الأخضر ظل محافظاً على إرثه الزراعي.


أسرار المعمل

بينما أشار عدنان المهداوي وهو أحد سكنة لاهاي، إلى أنه لا يملك نباتاً طبيعياً في البيت أو البلكونة الداخلية أو الحديقة، فالمملكة هي حديقة أوروبا ونتاجها من الورد وباقي منتجاته تغطي كل أوروبا، بل الشركات الهولندية تميزت وأصبحت هي الوحيدة التي تمكنت من تهجين نوعيات جديدة وغريبة وحصرية لهولندا، لذلك تجدين لديهم أصنافاً نباتية لا أحد يملكها، بل حتى أن غرفة المختبر داخل شركات الورود هي مكان خاص ومحصن، لا أحد يدخله إلّا المختص، لأن أسرار الإنتاج خاصة بهم 

فقط.


نقص آخر

من جانبها بينت المترجمة عبير عباس»في الثقافات العالمية المجتمعات المنغلقة على نفسها، من الصعب جداً أن يدخلك شخص إلى بيته لخصوصيته، لذلك قد يعوض ذلك النقص بمظهر حياته الخارجي؛ لذلك تجدين مبالغة باهتمامه بالمنظر كالحديقة والبلكونة، والبلديات هنا تربيّ الفرد على ثقافة الجمال، إي إن الإنسان هنا حينما يجد كل شيء نظيفاً ومرتباً حوله، فهذا اعتياد وتنميط يجعل الفرد يخجل من أن يشذ عن الآخرين، أي إن هنالك انقياداً للوعي الجمعي من خلال النظام».