جبهات وانتخابات

قضايا عربية ودولية 2025/02/04
...

علي حسن الفواز




يبدو أن جبهة الانتخابات التركية ستُفتح مبكراً، وسيجد الباحثون عن المجد الرئاسي والبرلماني فرصهم من خلال البحث عن الفرص المفقودة، وبما يجعل التوجه إلى صناديق الانتخابات محفوفاً بهواجس الربح والخسارة، إزاء مواصلة الرئيس الطيب اردوغان لعبته في اصطياد فرص الآخرين، وإعادة تموضع منظومته السياسية والحزبية في الواجهة، لاسيما بعد التغييرات الأخيرة في الشرق الأوسط، وبعد سقوط نظام بشار الأسد، ودور تركيا المفضوح في هذا التغيير.

تطرح أحزاب المعارضة خطاباتها السياسية من خلال الرهان على أزمات الواقع الاقتصادي، وعلى صدمات تاريخ ذاكرة دولة اتاتورك العلمانية، وعلاقتها بهوية دولة اردوغان وسياساته الداخلية والإقليمية، والتي جعلته يفقد كثيراً من المقاعد، وعدداً من ولايات المدن الكبيرة كما في أسطنبول وأنقرا في الانتخابات السابقة، رغم أنه فرض وجود حزب "العدالة والتنمية" الذي يقوده منذ 23 عاماً.

نجاح اردوغان في إدارة الحكم جعلته يعرف الطريق إلى التضييق على أحزاب المعارضة، وعلى مواجهة برامجها الانتخابية، وتحجيم قدراتها على الوصول إلى الواجهة الرئاسية، وهذا ما دفعه للعمل مبكراً على استهداف تلك الأحزاب، من خلال تحشيد جمهوره الحزبي، والرهان على الانقسامات العميقة بين قوى المعارضة، وعلى فشلهم في الوصول إلى الرئاسة لأنهم "لا يفكرون في مشكلات البلاد، ولا يقدّمون حلولاً للأمة" على حدّ قوله، وعلى نحو جعل من جبهة انتخابات شهر "أيار" المقبل من هذا العام مفتوحة على احتمالات متعددة، وعلى حسابات دولية وإقليمية، وحتى داخلية، قد يكون الصراع الروسي الأوكراني حاضراً فيها، مثلما ستكون الملفات الفلسطينية والسورية حاضرة بذات القلق، وذات التحدي.

إن ما يجري في "خلفيات" الاستعدادات الانتخابية يكشف عن واقع ساخن، وعن منافسات تضع أجنداتها في سياق صراع المصالح، وضغوط الأزمات الدولية والصراعات الجيوسياسية والتجارية، فضلاً عن علاقتها بإجراءات الرئيس الأميركي الجديد في مجال الضرائب، وفي مجال دعم برامج حلف الناتو العسكرية، فضلاً عن ترقُّب ما تشهده السياسة الداخلية من اضطرابات وانقسامات، يمكن أن تجعل من فرص الرئاسة والأكثرية البرلمانية أمام معطيات صعبة، على مستوى مواجهة الانقسامات، لاسيما بين أوساط حزب الشعب الجمهوري، وعلى مستوى خلق بيئة برلمانية قد تتعثر فيها واقعية المنافسة الانتخابية أمام "تحالف الشعب" الذي يضم أحزاب "الحركة القومية والعدالة والتنمية والوحدة الكبرى"  وبالاتجاه الذي يجعل من هذه الانتخابات خارج التوقعات، وقريبة من الرهانات على تحويل تركيا إلى ترسانة إقليمية في إطار المعادلات الافتراضية للشرق الأوسط الجديد.