حراك نيابي – حكومي بشأن الحفاظ على المال العام

بغداد: هدى العزاوي
لاقت توجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالتحرُّك صوب حسم التحقيق في مخالفات سلف المتقاعدين وحالات التزوير بمعاملات ضحايا الإرهاب وملفات أخرى للحفاظ على المال العام، ترحيباً نيابياً وشعبياً، خاصة أن ذلك يأتي مع حالة الانسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية اللتين تسعيان إلى الحفاظ على المال العام عبر التحرك في مسار واحد بهذا الشأن.
وقال عضو لجنة النزاهة النيابية أحمد طه الربيعي لـ"الصباح": "إننا في لجنة النزاهة النيابية كجهة رقابية تشريعية، نتابع بدقة كل ما يتعلق بالملفات التي لم يحسم أمرها إلى الآن أمام هيئة النزاهة الاتحادية، خاصة في ما يتعلق بعدم سيطرة هيئة التقاعد الوطنية على رواتب بعض المتقاعدين وما يترتب على المتوفين من سلف لم تسدد إلى الآن، فضلاً عن ترويج معاملات ضحايا الإرهاب التي يشوبها
التزوير".
وأشاد الربيعي بـ"دور هيئة النزاهة الاتحادية بالتحري والتدقيق على حسم الملفات المعروضة أمامها بالتعاون مع هيئة التقاعد الوطنية، والتأكيد على تنفيذ الإجراءات القانونية المتعلقة بإثبات حياة المتقاعدين".
وأعرب عن دعمه "لتوجيهات الحكومة بما يتعلق بعملية مراجعة عقود خدمات الدفع الإلكتروني وآلية تدقيق وفيات المتقاعدين وإثبات حياتهم وإعداد قاعدة بيانات بايومترية".
توجيهات رئيس الوزراء
وكان رئيس الوزراء وجّه أمس الإثنين، بالعمل على حسم جميع الملفات المعروضة أمام هيئة النزاهة، من بينها حسم الملف التحقيقي الخاص، بعدم قيام هيئة التقاعد الوطنية بالسيطرة على بعض رواتب المتقاعدين والمتوفين، وعدم تحصيل السلف التي بذمّة بعض المتقاعدين، وحالات ترويج معاملات لضحايا الإرهاب يتخللها التزوير".
وشدد السوداني، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي، على "الضرورة القصوى لحماية الأموال العامة، وعدم التساهل مع أي حالة تزوير أو تجاوز تكون نتيجتها هدر الأموال العامة، أو منحها لغير مُستحقّيها على وفق القانون، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى حرمان المستحقين من حقوقهم أو تعطيلها".
وجدد رئيس الوزراء، "توجيهاته السابقة إلى الجهات المعنية بالإسراع في اتخاذ جملة من الإجراءات؛ للارتقاء بالعملية التنظيمية والقانونية لتوزيع رواتب المتقاعدين، ومنها إعداد قاعدة بيانات بايومترية، وإجراء عملية مراجعة لعقود خدمات الدفع الإلكتروني، واعتماد آلية دقيقة وعملية لإثبات حياة المتقاعدين، ومتابعة استرداد السلف والرواتب المدفوعة لغير مستحقيها، والتأكيد على تنفيذ الإجراءات القانونية التامة بحقِّ من تثبت التحقيقات تورطهم في أي تجاوز على الأموال العامة".
خبير مكافحة الفساد
خبير مكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى قال لـ"الصباح": إنه "في المدة السابقة باشرت هيئة النزاهة الاتحادية بالتعاون مع التقاعد العامة والجهات الأمنية؛ عمليات التحرّي والمراجعة والتدقيق في الموقف الأمني واللجان الطبية المعنية بضحايا الإرهاب وتزوير معاملات المتقاعدين غير المستحقين في عدَّة محافظات، وظهرت الكثير من النتائج أعلنتها هيئة التقاعد العامة، ولكن لم تحسم بشكل نهائي". وأضاف "إننا نتحدث عن أكثر من 35 ألف معاملة تقاعدية وقد تصل إلى 50 ألف معاملة كلها محل تدقيق ومراجعة، وتم سحب يد الكثير من المعنيين في دوائر التقاعد في المحافظات، وقد أتى توجيه رئيس الوزراء بحسم الملف بشكل نهائي مع التأكيد على استرداد الأموال المصروفة من دون وجه حق ومساءلة المسؤولين عنها وفق القانون" .
وأشار إلى "ظهور شبهات بشأن المتقاعدين المتوفين والاستمرار في تسلم رواتبهم التقاعدية وعدم ترويج معاملات الورثة المستحقين إن وجدوا وفق القانون"، مبيناً "هنا تأتي أهمية مراجعة آليات التثبت في كيفية التحقق من الاستمرار بالحياة، علماً أن جميع المتقاعدين يستلمون رواتبهم عن طريق بطاقات الدفع الإلكترونية، لذا تأتي أهمية مراجعة قيود وآليات التحقق من الحياة والوفاة في شريحة المتقاعدين، مع وجوب التزام شركات الدفع المسبق بهذه الآليات مع تبسيط إجراءاتها في التحقق من إثبات الحياة من قبل هيأة التقاعد العامة" .
وزاد موسى بالقول: إن "هناك ضرورة وأهمية لاسترداد الأموال المصروفة من دون وجه حق من قبيل الرواتب والسلف للخزينة العامة وصندوق التقاعد، علماً أن كثير من رواتب ضحايا الإرهاب جرى ترويجها بمعاملات مزورة منذ ما بعد الانتصار على الإرهاب في المحافظات التي كانت فيها عمليات حربية، مع شبهات وجود مستفيدين عليهم قيود أمنية من خلال تزوير المعاملات التقاعدية وتقارير اللجان الطبية، وكذلك في مؤسسة الشهداء وضحايا
الإرهاب".
كما أشار الخبير بمجال مكافحة الفساد، أنه "كان هناك توجيه سابق أيضاً بشأن التجاوزات المالية والاستحواذ على أموال والفساد في مطار النجف، كما تسرَّب فيديو في اجتماع عدد من نواب النجف الأشرف مع مجلس إدارة المطار واتهام جهات سياسية، وكذلك ما روُّج بشأن تعاقد وزارة الاتصالات مع إحدى الشركات المعاقبة مسبقاً نتيجة الإخلال بالتزاماتها" .
وأكد موسى أن "عدم اعتماد الشفافية في استدراج وإرسال المناقصات والعقود والمشتريات العامة تدعو إلى بروز انطباعات عامة بشأن فساد هذه العقود؛ أقلها غياب المنافسة بين الشركات وكفاءتها المالية والفنية والأعمال المنفذة سابقاً وأهمية إبعاد النفوذ الإداري والسياسي في إحالة العقود الحكومية مع اعتماد جهات استشارية متخصصة تشرف وتتابع تنفيذ هذه العقود وجودتها وجداولها الفنية والزمنية وفق القانون"، مؤكداً أن "الأمر الأهم هنا؛ عدم استخدام هذه الملفات في الابتزاز والمناكفات السياسية والأهمية القصوى لسيادة القانون وإنفاذ القانون بعدالة وصرامة على الجميع" .
سعات الانترنت
في موضوع ذي صلة، بحث رئيسا هيئة النزاهة الاتحادية ولجنة النزاهة البرلمانية، أمس الاثنين، إجراءات وزارة الاتصالات بملفّ تهريب سعات الإنترنيت.
وقالت الهيئة في بيان تلقته "الصباح"، إن "رئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّة محمد علي اللامي ورئيس لجنة النزاهة النيابية زياد الجنابي، بحثا صحَّة إجراءات وزارة الاتصالات في ملفّ تهريب سعات الإنترنيت وعقد تمرير سعات الترانزيت الخاص بشركة (IQ) لخدمات الانترنيت" . وأضافت، أنه "تم التأكيد على ضرورة الحفاظ على المال العام ومُراقبة التعاقدات والتأكُّد من سلامتها وعدم تضمُّنها فقراتٍ تتسبَّب في الإضرار بالمال العام" . وذكر رئيس لجنة النزاهة النيابيَّة زياد الجنابي خلال اللقاء أنَّ "إحدى شركات الاتصالات المُتعاقدة تستغلُّ الوزارة بمبالغ طائلةٍ، وتؤثر في البنى التحتيَّة للمشاريع المُنفَّذة، فضلاً عن احتماليَّة تسبُّبها بهدر المال العام" .