معرض بغداد منصة لتعزيز الاقتصاد الوطني وترصين السوق

بغداد : حسين ثغب
تصوير صباح الربيعي
تعد الدورة الـ48 من معرض بغداد الدولي هذا العام بمثابة حدث ستراتيجي بالغ الأهمية في تعزيز الاقتصاد الوطني، من خلال تقديم فرص متعددة تهدف إلى تحسين جودة البضائع المعروضة، ودعم ثقافة الدفع الإلكتروني، وتعزيز الشمول المالي. يعكس المعرض هذا العام رغبة واضحة في ترصين السوق العراقية وتحفيز المواطنين على تبني الأساليب المالية الحديثة في ظل مرحلة التحول الرقمي التي يشهدها العالم، مع التركيز على معالجة القضايا الاقتصادية الكبرى، مثل الخسائر المالية السنوية الناتجة عن استيراد بضائع غير رصينة.
ترصين السوق العراقية
السوق العراقية من الأسواق المهمة التي تحتاج إلى ترصين، من خلال تحسين جودة البضائع والمنتجات المعروضة، بما يتماشى مع عمرها الافتراضي ويحقق للمواطنين فوائد اقتصادية حقيقية.
ومع زيادة الاهتمام بجودة المنتجات، يأتي المعرض ليكون فرصة لتوعية المواطنين بشأن ضرورة التعامل مع المنتجات الأصلية ذات الجودة العالية، مما يساعد في تقليص الخسائر الناجمة عن استيراد سلع لا تلبي المعايير المطلوبة.
وفي هذا السياق، أكدت عذراء طه جمعة، ممثلة البنك المركزي العراقي، أهمية التحول الذي يشهده العراق نحو الاقتصاد الرقمي، إذ تعمل الحكومة على وضع الأطر التنظيمية التي تدعم هذا التحول، وخاصة في مجال الدفع الإلكتروني. وأشارت جمعة إلى أن أحد أهم التحديات التي تواجه المرحلة الحالية، هو كسب ثقة المواطنين في منتجات الدفع الإلكتروني، مما سيسهم في تحفيز الأموال المكتنزة في المنازل وتحويلها إلى القطاع المصرفي. ويعد هذا التحول جزءًا من ستراتيجية أكبر تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الوطني عبر استثمار الأموال بشكل يخدم المشاريع الكبرى في البلاد.
التحول الرقمي
في إطار دعم التحول الرقمي، تحدث الدكتور صفوان قصي، الخبير في القطاع المالي، عن أهمية تعزيز الشمول المالي كأولوية أساسية في سياق التوسع في ثقافة الدفع الإلكتروني في العراق. وأوضح قصي أن هذا التوجه المدعوم من الحكومة العراقية والبنك الدولي، يسعى إلى استخدام آليات وتقنيات متطورة تهدف إلى توفير خدمات مالية للشريحة الفقيرة في المجتمع، وهو ما يتماشى مع أهداف الحكومة العراقية في استهداف الطبقات الاجتماعية التي تعيش تحت خط الفقر وتوفير مشاريع تساعدهم في تحسين وضعهم المالي.
وأشار قصي إلى أن التحول الرقمي يتطلب تنوعًا في الخدمات المالية وتطوير المنتجات المصرفية، لافتًا إلى أن هذا التغيير لا يأتي إلا من خلال تعزيز الثقافة المصرفية بين المواطنين. وأضاف أن توفير بطاقة ائتمانية لكل مواطن سيسهم في تشغيل السيولة المعطلة التي تقدر بنحو 70 ترليون دينار، ما يعزز من قدرة الاقتصاد الوطني على النمو ويزيد من استقرار النظام المالي في العراق.
ثقافة الدفع الإلكتروني
وفي سياق متصل، تحدث المختص بثقافة الدفع الإلكتروني، نبيل النجار، عن الجهود المستمرة التي يبذلها البنك المركزي العراقي، لتعزيز ثقة المواطنين في آليات الدفع الإلكتروني، مؤكدًا أن هذه الجهود تهدف إلى توسيع قاعدة الشمول المالي في البلاد. وأشار النجار إلى أن الحكومة العراقية تهتم بشكل خاص بتطوير الاقتصاد الرقمي، وهو ما يسهل رفع مستوى الوعي المالي لدى المواطنين بشأن الدفع الإلكتروني. وقال النجار إنه من خلال الجولات الميدانية في مختلف المناطق، خاصة تلك التي تعيش تحت خط الفقر، لوحظ وجود تفاعل كبير من قبل المواطنين مع الدفع الإلكتروني، ما يعكس نجاح هذه المبادرات في تسهيل الحياة المالية للمواطنين.
وشدد النجار أيضًا على أهمية الدفع الإلكتروني في تمويل المشاريع الستراتيجية الكبرى في العراق، مثل الصناعات النفطية، التي تتمتع بعوائد كبيرة ومخاطر منخفضة. وأضاف أن العراق يمتلك حاليًا أكثر من 65 ألف جهاز نقاط بيع (POS)، وهو مؤشر على النمو المستمر في استخدام الخدمات المالية الإلكترونية. وتطرق أيضًا إلى قضية مكافحة الاحتيال المالي، مؤكدًا أن الفترة المقبلة ستشهد تشكيل لجان متخصصة لمكافحة هذه الجرائم بالتعاون مع الأجهزة المعنية.
تعزيز الوعي المالي
من جانبه، أكد هردي محمد جزاء، المختص بالدفع الإلكتروني، أهمية المشاركة في معرض بغداد الدولي لتعزيز الثقافة المالية، مشيرًا إلى أن الحدث يسهم بشكل كبير في نشر الوعي بشأن الدفع الإلكتروني في المجتمع العراقي. وأوضح جزاء أن توافد عدد كبير من الزوار إلى المعرض يعكس اهتمام المواطنين المتزايد بهذا النوع من الخدمات، وهو ما يتماشى مع توجهات الحكومة العراقية والبنك المركزي لتعزيز التحول الرقمي في القطاع المالي. وأضاف جزاء أن المعرض أسهم في تكوين "خزين من المعلومات" لدى الزوار بشأن الدفع الإلكتروني، مما يعزز الثقة في المنتجات والخدمات الإلكترونية المتاحة في السوق.
المنتجات الموثوقة
وفي مجال ترصين السوق العراقية، تحدث سردار البيباني، رئيس شركة تويوتا العراق، عن أهمية المعرض في تعزيز السوق المحلية من خلال تقديم منتجات تتناسب مع احتياجات السوق المحلية. وأوضح البيباني أن معرض بغداد الدولي يسهم في توعية المواطن العراقي بشأن العديد من القضايا التي قد يجهلها، مثل الفروق بين سيارات الهايبرد التي تصنع خصيصًا للعراق، وتلك التي تصنع للصين. وأكد أن سيارات تويوتا المخصصة للعراق تأتي بمواصفات تتناسب مع الأجواء العراقية الحارة، وهو ما يعكس اهتمام الشركات العالمية بتلبية احتياجات السوق المحلية.
وأضاف البيباني أن المعرض يوفر فرصة كبيرة لتعريف المواطن العراقي بالمنتجات اليابانية النوعية والصديقة للبيئة، مثل السيارات والمعدات التي توفر مراكز متخصصة لصيانتها. وأكد أهمية استيراد المعدات التي تعمل من دون خلل على مدار 24 ساعة، لضمان استمرارية العمليات في العراق. وأوضح البيباني أن الشركات الرصينة لا تكتفي باستيراد المعدات، بل تعمل أيضًا على استيراد الكوادر المتخصصة في الصيانة والتكنولوجيا، لضمان أن تعمل هذه المعدات بكفاءة عالية.
التواصل مع الشركات العالمية
رئيس اتحاد المقاولين العراقيين، علي السنافي، أكد أن معرض بغداد الدولي يمثل فرصة كبيرة للتواصل المباشر مع الشركات الأم العالمية، مما يسهل على أصحاب الأعمال الحصول على المعدات الأصلية اللازمة لمشاريعهم من دون الحاجة للقلق بشأن جودتها أو موثوقيتها. وأشار السنافي إلى أن العراق يحتاج إلى إقامة تواصل مستمر مع الشركات العالمية المتخصصة في المعدات النوعية، لضمان تحسين مستوى الخدمات المحلية وزيادة الإنتاجية.
الشركات الكويتية
من جانب آخر، أكد جاسم حسين عباس، ممثل شركة المنتجات الغذائية الكويتية، أهمية مشاركتهم في معرض بغداد الدولي الذي ينعقد سنويًا منذ 14 عامًا. وأوضح عباس، أن المعرض يشهد إقبالًا كبيرًا من الجمهور الذي يهتم بالمنتجات ذات الجودة العالية والموثوقة. وقال عباس إن الزوار يركزون بشكل خاص على المنتجات التي تتسم برصانتها، ويتساءلون عن كيفية اكتشاف المنتجات المقلدة في السوق المحلية، مما يسهم في تعزيز ثقافة المستهلكين في اختيار المنتجات الأصلية.