إيزا فرفان وريا ناير

ثقافة 2025/02/09
...

 ترجمة: مظفر لامي


على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية، واصل الفنانون في شتى بقاع العالم احتجاجهم ضد هجمات الكيان الصهيوني على المدنيين في غزة، والتي اعتبرتها تقارير منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس، متوافقة مع أعمال الإبادة الجماعية. وفي إطار جهودهم الرامية إلى وقف دائم لاطلاق النار، طور الفنانون أساليبهم البصرية للمطالبة بسحب الاستثمارات من هذا الكيان، والدعوة إلى إنهاء العنف ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. وقد تخلى العديد منهم عن فرص عمل مهمة أو حرموا منها بسبب مناصرتهم العلنية لفلسطين. وهذه المواقف أعادت للأذهان أهمية دور المجتمع والتضامن والحرية الفنية في مختلف المجالات الثقافية. وفي هذا المقال سنسلط الضوء على بعض من الفعاليات الفنية التي كان لها صدى واسع في حركة الاحتجاج ضد ما يدور في غزة منذ أكتوبر 2023.

في شهر آذار من العام الماضي، احتشد مئات المحتجين على درجات متحف متروبوليتان للفنون لعرض منسوجة مشتركة تتألف من سبعين لوحة مربعة منفردة رسمها فنانون دعما لفلسطين. وكان المشروع الفني بعنوان "من الاحتلال إلى التحرير". وقد أتى بعد أقل من أسبوع على توقيع 150 من موظفي متحف متروبوليتان على رسالة مفتوحة تدعو مدير المتحف والرئيس التنفيذي إلى إصدار بيان لدعم وقف اطلاق النار. كما أعلن تحالف مكافحة الإيدز مقاطعته الثقافية للكيان الصهيوني في الذكرى الثالثة والثلاثين لمظاهرات نيويورك التاريخية ضد تورط الولايات المتحدة في حرب الخليج. وقام الفنان شون إسكارسيجا بتجديد تصميم المثلث الوردي "الصمت = الموت" الخاص بمجموعة ACT Up ليشبه شريحة البطيخ تضامنا مع غزة. وقد عقب على العمل قائلا "لقد أثارت صورة الصمت = الموت غضب الناس وانزعاجهم في وقتها، لكنها كانت فعالة وتحولت الآن لرمز مميز يعكس فشل حكومات العالم في مساعدتنا طوال أزمة الإيدز المستمرة". كما لفت الانتباه إلى التهديد بخفض الانفاق الفيدرالي لأبحاث فيروس نقص المناعة بالتزامن مع تخصيص مليارات الدولارات للانفاق العسكري في العدوان على غزة. وقبل اعتصام الطلاب المحتجين في قاعة هاملتون بجامعة كولومبيا، والتي داهمتها شرطة نيويورك في نيسان 2024، كانت القاعة مكان عمل لمجموعة من حوالي 70 فنانًا وفنانة عملوا بجد لانشاء لافتات تمثل حركة الاحتجاج الجامعية على مستوى البلاد. وكان من ضمنها تعليق لافتة على المبنى الأكاديمي، كتب عليها "قاعة هند"، تكريمًا للطفلة الفلسطينية هند رجب التي قتلتها قوات الاحتلال في أوائل عام 2024، وتأثرا بهذه المبادرة، أصدر مغني الراب ماكليمور أغنية تحمل الاسم نفسه. وفي مقابلة مع ليال، الطالبة الجامعية في جامعة كولومبيا قالت إن "التحدث من خلال أعمالنا الفنية التي نرسمها على اللافتات هو خير وسيلة لايصال رسالتنا وتأكيدها بوضوح وإيجاز، وعدم تركها تخضع للفلترة أو التحريف". وبعد يومين من الذكرى السنوية لهجوم حماس، نظمت مجموعة من الشباب البريطانيين مظاهرة مؤيدة لفلسطين من خلال تغيير مؤقت لمظهر لوحة لبابلو بيكاسو في المعرض الوطني في لندن. إذ قام الناشطان جاي هالاي ومونداي مالاكي روزنفيلد بإلصاق لوحة ورقية كبيرة على الزجاج الواقي الذي يغطي لوحة بيكاسو، تظهر فيها امرأة فلسطينية وابنها الصغير وهما يبكيان، وكان وجهها مغطى بالدماء. وهي صورة التقطها الصحفي المقيم في غزة علي جاد الله بعد غارة استهدفت مستشفى الشفاء. وفي نيويورك قام ريديكولوز وهو فنان أمريكي من أصل أردني بتصميم لوحة لتمثال الحرية على غرار شخصية حنظله التي كانت تظهر باستمرار في رسومات رسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي، وكانت فكرة العمل بحسب توضيح من الفنان، أن حنظله راسخ في الزمن ولن يستدير لمواجهة العالم قبل أن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى وطنهم.

كما عُلقت العديد من اللافتات الاحتجاجية بالتزامن مع معرض لكارولينا كايسيدو في متحف الفن الحديث، حيث تسلل نحو 800 متظاهر للمشاركة في اعتصام مؤيد لفلسطين، مما أدى إلى إغلاق المتحف مبكرًا. وإلى جانب اللافتات، احتج المنظمون، من خلال مطبوعات وهميّة للمتحف، على خمسة أعضاء من مجلس إدارته بسبب استثماراتهم المالية مع شركات الأسلحة العسكرية لدولة الاحتلال، وعلى صمت المتحف كمؤسسة إزاء ما تتعرض له غزة من عدوان.

في الخامس عشر من كانون الثاني 2023، وضعت مجموعة من ثلاثين فناناً وناشطاً نحو عشرين ألف زهرة خشخاش ورقية أمام بورصة نيويورك في مانهاتن. وكانت كل واحدة منها ترمز إلى تصاعد أعداد القتلى في غزة في الشهر الثالث من القصف الصهيوني. وصرحت الفنانة أرييل فريدلاندر "أن عرض أزهار الخشخاش المصنوعة يدويا من الورق أمام المارة، يهدف إلى تذكيرنا بمشاعر الفقد، وبمأساة أخرى أقرتها حكومتنا"، ويذكر أن زهرة الخشخاش هي إحدى الرموز التي تشير لفلسطين، وسبق أن استخدمت في أعمال احتجاجية أخرى، كتعطيل افتتاح معرض للرسام مايكل روفنر من دولة الاحتلال في آذار الماضي.