غياب جسور المشاة يعرّض حياة المواطنين للخطر

ريبورتاج 2025/02/10
...

 بغداد : رقية أنيس


في ظل غياب جسور المشاة والممرات الآمنة، أصبح عبور الشوارع بالنسبة للمواطنين، خاصة الطلبة، بمثابة مغامرة يومية تتطلب الكثير من الحذر والتأني. ففي العديد من المناطق التي تفتقر إلى التخطيط السليم، يواجه السائقون والمشاة، على حد سواء، تحديات مستمرة في تنقلاتهم اليومية، حيث لا يوجد أي نوع من التسهيلات التي تضمن لهم عبوراً آمناً. تعكس هذه المشكلة الواقع الذي يعيشه المواطنون في شوارع لا تتوافر على أدنى معايير السلامة، ما يضعهم في خطر دائم ويطرح تساؤلات حول دور الجهات المعنية في معالجة هذه الأزمة.

الطالبة في جامعة بغداد (جنات عامر) تعبر عن حجم معاناتها اليومية قائلة: "من أكبر التحديات التي تواجهني هو عبور الشارع، خاصة مع سرعة السائقين وعدم وجود الأماكن المخصصة للعبور، الأمر الذي يضطرني أحياناً إلى الانتظار لفترة طويلة حتى أجد فرصة للعبور بأمان".

وفي حديث مع سائق سيارة الأجرة (أبو محمد) الذي يقضي يومه في التنقل بين مناطق بغداد يقول: "لدى تجوالي في الشوارع يومياً أشاهد المواطنين المشاة يواجهون صعوبة كبيرة في العبور، واضطر أحياناً إلى التوقف مرات عدة؛ لأن أحدهم يحاول العبور بسرعة، ما يشكل خطراً على حياته".

ويضيف لـ"الصباح": "إذا كانت هناك جسور مشاة في الأماكن المزدحمة سيكون الوضع أكثر أماناً على الجميع، ونحتاج إلى حلول عاجلة للتخفيف من هذه المعاناة" .

وتشير إحصائيات شبه رسمية إلى أن 

نسبة حالات الدهس تشكل أكثر من 30 بالمئة من مجمل الحوادث المرورية في عموم العراق.

وبحسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، فإنه تم تسجيل 15 ألف حادث مروري في العراق خلال عامي 2023 و2024.

وفي إطار سعي الجهات المعنية لتحسين الواقع المروري وضمان سلامة الجميع، تحدث المدير العام لمديرية المرور، اللواء عدي سمير عن الخطط والإجراءات التي تتخذها المديرية لمعالجة هذه المشكلة، قائلاً: "إن المديرية قامت بإجراء مسح شامل لجميع المناطق التي تفتقر إلى جسور المشاة، ورفعت تقريراً مفصلاً للجهات المعنية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة. 

وأضاف لـ"الصباح" أن المديرية تعمل حالياً على تأسيس بنية تحتية مستقبلية تتماشى مع التصاميم الحديثة في إنشاء الجسور والمجسرات لضمان سلامة المواطنين وتحسين جودة الطرق.

وأشار سمير إلى أن توجهات وزارة الداخلية، بقيادة الوزير عبد الأمير الشمري، تركز على وضع خطط آنية للحد من الحوادث المرورية، خاصة حوادث الدهس، موضحاً أن الخطط تتضمن زيادة عدد المفارز المرورية في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، ومتابعة مستمرة لأماكن تجمع المشاة ومراقبة حركة السير فيها.

وأوضح اللواء عدي أيضاً أن الوزارة بصدد تنفيذ نظام مروري ذكي يعتمد على دراسة شاملة أُعدت بالتعاون مع مكاتب استشارية متخصصة في هندسة المرور والسلامة. ومن خلال الجهود المستمرة والتعاون بين المديرية والجهات المعنية، شهدت معدلات الحوادث المرورية انخفاضاً ملحوظاً في المدة 

الأخيرة.

بدوره، صرح مدير إعلام أمانة بغداد، محمد الربيعي، أن هناك مشاريع قيد الإحالة حالياً لإنشاء 20 جسراً للمشاة، عشرة منها في جانب الرصافة والعشرة الأخرى في جانب الكرخ، بينما تقوم دائرة إدارة المشاريع في الأمانة، بحملة واسعة لصيانة الجسور القديمة الموجودة في الشوارع الرئيسة.

وأوضح الربيعي في حديثه لـ"الصباح" أنه تم وضع معايير جديدة لتحديد مواقع إنشاء الجسور، بناءً على الاستفادة من التجارب السابقة، حيث لوحظ أن بعض الجسور لم تُستخدم من قبل المواطنين لأسباب متعددة. وأكد أن هذه المعايير ستساعد الدوائر الفنية على تحديد مدى الحاجة لإنشاء جسر في منطقة معينة، أو الاكتفاء بمنطقة عبور سطحية.

وأشار إلى أن دوائر الأمانة تعمل أيضاً على وضع حواجز في الجزرات الوسطية لمنع العبور من الأماكن العشوائية، بحيث يقتصر عبور المواطنين على المناطق المخصصة للعبور، سواء كانت جسوراً أو مناطق عبور سطحية. كما أكد أن المنظومات التقنية ستكون جزءاً من الحلول المستقبلية، 

إذ سيتم تضمين أنظمة حركة مرور مخصصة للمشاة، خصوصاً في المناطق القريبة من المدارس والجامعات، على أن يتم التمييز بين الحاجة إلى جسر مشاة عادي أو جسر مشاة كهربائي بناءً على حاجة كل موقع.