حسم الملفات

الأولى 2025/02/10
...

 كتب رئيس التحرير:


في ثلاثة أنشطةٍ خلال يومين متتاليين كان حديث رئيس الوزراء محمّد شياع السودانيّ يكاد يكون مقتصراً على تناول موضوعة الفساد الماليِّ والإداريِّ الذي هو آفة الآفات التي طالما عطّلتْ مشاريع التنمية وأسهمتْ في وجود تباينٍ طبقيٍّ وخلقتْ في السنوات الماضية موجات احتجاجٍ عدَّة، كما أنها وضعتْ صورة العراق في إطارٍ لا يليق بها أمام العالم.

حديث السيّد السودانيّ كان يدور في أفق الواقعيَّة السياسيَّة، فما من حلولٍ سحريَّةٍ لهذا المرض الذي ابتليتْ به كثيرٌ من الدول، وليس وارداً تصوّر أنَّ الفساد يمكن القضاء عليه بقرارٍ سياسيّ فوقيّ، لأنَّ متحوّر الفساد "بتعبير رئيس الوزراء" يتخذ له كيفيَّةً تمكّنه من الحياة في الظلِّ ويمكث ساكناً إلى أنْ تتاح له من جديد فرصة أنْ يحيا ويعاود نشاطه الخبيث. لكنَّ هذه الواقعيَّة من لدن رئيس الوزراء لا تعني البقاء في وضع المراقب أمام ما يرتكبه ضعاف النفوس، فأمس، خلال متابعته الملفات المحالة إلى هيأة النزاهة شدَّد السودانيّ على حسم ملفات التحقيق كافة، وهي ملفاتٌ تتضمَّن مخالفاتٍ قانونيَّةً وماليَّةً وإداريَّةً وأخرى تتعلّق بتسلّم مناصب من قبل غير مؤهَّلين، وكلُّ هذه الملفات تعني في آخر الأمر فساداً مالياً لأنها تنتهي إلى غايتها التي هي هدر المال العامّ. الخطاب نفسه وجَّهه رئيس الوزراء في القضايا المتعلقة برواتب المتقاعدين، فهناك تزويرٌ وتلاعبُ وأموالٌ تذهب إلى غير مستحقيها.  واقعيَّة حديث رئيس الوزراء تقول إنَّ "ثقافة الفساد" ينبغي مواجهتها بثقافةٍ مضادَّةٍ هي ثقافة النزاهة، والقانون هو الفيصل في حسم هذه الملفات، تُعضّده رؤية واضحة وقرارٌ حكوميّ قويّ.