أمستردام : آمنة عبد النبي
مشقة الحياة المعيشيّة في منطقة اليورو وثقل الأسعار التي خلفتها الازمات الاقتصادية بعد تداعيات الحرب، حوّل موسم الثلج وفواتيره سيما- الغاز-الى محنّة ممتدة وقلق يومي يزعج ويثقل كاهل العائلة المغتربة في هولندا، اضافة إلى كآبته التي تستلزم عند الكثيرين الخضوع للعلاج النفسي باعتبار حاجة الإنسان للشمس بكل تفاصيل جسده، لكي لا يذوي ويتكاسل ويخمل، والذين يتقبلون حياتهم في أوروبا بدون شمس إنما يتقبلونها على مضض وتعايش مُرّ.
يقول الاعلامي هادي الزهيري: {الشتاء بدأ بثلوجه الكئيبة التي تضيف لانعدام الحياة الاجتماعية اضافية،هو فصل الأعباء الاقتصادية المرهقة، لا سيما بعد الحرب، فاتورة الغاز التي لا يمكن الاستغناء عنها في هذا الوقت تحديداً، خصوصاً مع وجود أطفال عرضة للامراض، ولا قيمة لاي بدائل عن الغاز، باختصار ما نكسبه في العمل يذهب باكمله لسداد فواتير الماء والكهرباء والإيجار والغذاء والدواء، اشعر احياناً ان الحكومات هنا تفكر في سحب أموال الناس عن طريق ضرائب عالية جدا وارتفاع الأسعار حاد واجور قليلة بحق الأعمال التي تدير البلد».
اما المعلمة ختام سلطان أشارت إلى أن الأجواء الكئيبة المهيمنة على النهار بدأت ملامحها والمتمثلة في الظلام والغيوم وهطول الأمطار وقِصر النهار بالنسبة لامرأة عاملة يتطلب منها التحضير للخروج إلى العمل فجراً ساعة إضافية، فضلاً عن تنظيف السيارة من تراكم الثلج والسياقة المتأنية، لذلك، مع الوقت، ماعاد الثلج يبهجني، ولا سيما بغيابٍ تام للشمس، بل أصبح منظره، وخاصة في ساعات الغروب، يخنق أنفاسي ويهيج فيّ الحنين لبلادي، ذلك المأزق النفسي وكآبته عشت معهما كثيراً ومراراً، فضلاً عن قلة الضوء في الشتاء تشير للجسم إلى تغير إيقاع الليل والنهار؛ وهو ما يؤدي إلى عدم توازن الهرمونات والناقلات العصبية في الدماغ.
في حين تعتقد المختصة بالمجال النفسي شذى عباس بأن الشعب الهولندي يُنهك نفسه بالعمل طوال أيام الأسبوع لكي لا يترك مجالاً لنفاذ الكآبة الثلجية، وفي نهاية الأسبوع يطلق العنان لنفسه بالإفراط في المشروبات والمتعة الجسدية هرباً من الضغط المتواصل طوال الأسبوع، اي ان العملية باختصار تُشبه تغييب العقل والجسد لكي لا يشعر بكل هذا الفراغ والخنقة التي نشعر بها.