بغداد : رشا عباس
تصوير: نهاد العزاوي
بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية، تفقد عدد من المختصين في مجال الموسيقى غياب الأغنية السياحية، التي من المفترض أن تتصدر المشهد وتقدم ضمن قوالب مختلفة.
فقد قدمت في ما سبق ونجحت في جذب المتلقي لبعض المرافق السياحية المهمة، حتى بات ترديدها من متذوقي الغناء، لكونها جاءت كضرورة لكشف النقاب عن الوجه الأجمل لمعالم العراق السياحية والاثارية.
بهذا الصدد استطلعت " الصباح" آراء الفنانين حيث قال الفنان محمد زبون:" سجلت الأغنية السياحية في العراق حضورا مهما وفاعلا في استقطابها لزوار من المحافظات والدول العربية والخليجية، الذين تأثروا بشكل وآخر بموسيقى وألحان وأداء المطربين، لكون هذه الأغاني جاءت معبرة عن اثر الحضارة العراقية في التأريخ الإنساني وعمقه.
وأضاف زبون أن رائد الأغنية السياحية الراحل احمد سلمان، شكا من عدم اهتمام الجهات المعنية والاعلامية بهذا النوع من الاغاني، ولم يكن له تشجيع، ولعل من الانصاف كلما استمعنا الى أغنية "ميك يدجله اشحلو" واغنية " للمصيف" علينا أن نتذكر
مطربنا الراحل احمد سلمان، الذي تفرد بهذا اللون الغنائي المحبب إليه، وهذا يدعونا الى إعداد مطربين للأغنية السياحية عوضا عن الاغاني السطحية.
تنوعٌ ثقافي
اما الفنان جواد محسن فقد أشار إلى أن الأغنية السياحية تتمتع بقدرتها للتعبير عن الجغرافيا الخاصة للمدينة، فبعد تنامي الأشكال اللحنية في الخمسينيات ظهرت كشكل من الموسيقى التعبيرية، التي تحاكي البيئة العراقية بتنوعها الابداعي ورموزها الشاخصة في ذاكرة المتلقي، وقد استطاعت هذه الاغاني أن تستوعب جميع الرموز في المشهد الحضاري والمدني كالنهر الخالد دجلة وبعض التمثلات التاريخية، وهي شواخص خالدة في الذائقة
الموسيقية .
ويرى المايسترو علي خصاف ضرورة أن تستثمر الدولة فعاليات وانشطة بغداد عاصمة السياحة العربية، وتسلط الضوء على الحضارة العراقية بشكل عام وتبرهن للعالم انه بلد آمن ومستقر، مبينا كفنانين نحتاج أن نكثف جهودنا ونستدعي ثلاثي الاغنية لتسجيل وتلحين أعمال جديدة خاصة بالأغنية السياحية، لا سيما أن هناك مرافق تراثية مهمة موجودة في المحافظات، متمنيا من الجهات الرسمية العمل على تكثيف الاهتمام بالأغنية السياحية ودعم محبيها.
من جانبه، تحسر الفنان قاسم ماجد على عدم اهتمام الدولة والمؤسسات المعنية بالأغنية السياحية، على الرغم من أهميتها كونها ارشادية وتقدَّم بقوالب مختلف توضح للمشاهد المعالم التثقيفية والتعريفية في الداخل والخارج، مشيرا الى أننا يملؤنا
الفرح أن نرى معالم معروفة تتردد أسماؤها في دول على لسان الوفود القادمين من الخارج، وأبدى أسفه اليوم من غياب الأغنية السياحية التي تعكس صورة العراق الحقيقية في المشهد الموسيقي
والغنائي.
أهمالٌ مؤسساتي
من ناحيتها أوضحت الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر بعد انقلاب 1968 وتسنم النظام السابق السلطة، الذي استعار نموذج الدولة المركزية ذا البعد الأيديولوجي والتعبوي والفكر الشمولي عمل على نشر افكاره عبر عدة نشاطات أطلق عليها "جماهيرية" شملت جميع قطاعات المجتمع، مما رافق ذلك الصرف الكثير على البنى الثقافية المتمثلة بالاذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح، تأسست في تلك الفترة مدرسة الموسيقى والباليه ومعهد الدراسات النغمية، إضافة الى تأسيس العديد من الفرق الغنائية وازدهار اعمال المطربين الريفيين، ومن ضمن تلك الفترة ظهرت الاغنية السياحية، التي تتغنى بجمال الوطن وانهاره وسهوله وجباله، لكنها كانت تجربة مهمة لم تتسع بين المطربين، واختتمت الظاهر حديثها بالقول:" لا بد من توجيه المطربين لهذا النوع المهم، لكونه يلامس تاريخ العراق وحضارته
وتراثه".