خطوات جادَّة لتقليل الاعتماد على النفط

اقتصادية 2025/02/12
...

 بغداد : عماد الإمارة

في إطار الجهود الرامية إلى تنشيط الاقتصاد الوطني، تعمل الحكومة على تبني استراتيجيات طموحة لتقليل الاعتماد على الريع النفطي، وذلك عبر تفعيل القطاعات الإنتاجية والخدمية وتعزيز الإيرادات غير النفطية. يأتي ذلك في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، خاصة مع تقلبات أسعار النفط العالمية، مما يستدعي تنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد أكثر استقراراً وقدرة على مواجهة التأثيرات الخارجية.

أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لتنشيط القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها القطاع الزراعي. وأشار إلى أن الخطط الحالية تركز على دعم المزارعين من خلال توفير تمويل ميسَّر وتقنيات زراعية حديثة، مما يُسهم في زيادة الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي. كما تم اعتماد برامج موسمية عالية الإنتاجية ضمن الموازنة العامة للدولة، بهدف تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وأوضح صالح أن الحكومة تعمل على تعزيز الانضباط المالي عبر ضبط الإنفاق العام وزيادة تحصيل الإيرادات. وأكد أن الإفراط في الصرف أو التفريط في تحصيل الواردات العامة سيتم الحدُّ منه، مع التركيز على توجيه الموارد نحو مشاريع إنتاجية تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. كما تمت الإشارة إلى أهمية إطلاق شركات اقتصادية بالتعاون مع القطاع الخاص، لدعم برامج التنمية المستدامة التي تُسهم في خلق فرص عمل وزيادة الإنتاجية.

ودعا المستشار المالي إلى ضرورة السيطرة على النظام الاستيرادي، الذي يشهد توسعاً عشوائياً يستنزف الاحتياطيات الأجنبية للبلاد. وأكد أن الموارد الأجنبية يجب أن توجه نحو استيرادات منتجة تعزز الاقتصاد، بدلاً من الاستهلاك المفرط الذي لا يُسهم في بناء قاعدة إنتاجية قوية. كما شدد على أهمية تبني سياسات تجارية دقيقة تشجع توفير مستلزمات الإنتاج بشكل مستدام. أشار صالح إلى أن الحكومة تعمل على تحويل الدعم في الموازنة العامة من دعم شامل إلى دعم نوعي، يوازن بين دعم الطبقات الاجتماعية محدودة الدخل والدعم الإنتاجي الذي يشغل الاقتصاد. ومن بين البرامج التي تم التركيز عليها، برامج ريادة الأعمال والتمويل الصغير، التي تُسهم في تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز دور الشباب في الاقتصاد.

من جانبه، أكد الدكتور أحمد الراوي، الخبير الاقتصادي، على ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة تراجع الإيرادات النفطية. ودعا إلى إعادة النظر في بنود الموازنة العامة، مع التركيز على شطب النفقات غير الضرورية ورفع كفاءة الإنفاق. وأشار إلى أهمية تحقيق استقرار في نمو الموازنة، بحيث يتناسب مع النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي، مما يُسهم في تحقيق توازن مالي مستدام.

كما أكد الراوي على أهمية تفعيل الأنظمة الإيرادية غير النفطية، مثل نظام الضرائب والرسوم العامة، لزيادة الإيرادات وتقليل الاعتماد على النفط. كما دعا إلى تنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل الصناعة والسياحة، لتوفير فرص عمل للشباب وتنويع مصادر الدخل. وأشار إلى أن تطوير القطاع النفطي يجب أن يتم بشكل يتناسب مع الطاقات الاحتياطية للبلاد، مع التركيز على زيادة القيمة المضافة من خلال التصنيع المحلي.

وشدد الراوي على أن تحقيق التنمية الاقتصادية يتطلب محاربة الفساد في مؤسسات الدولة بجميع مفاصلها. وأكد أن الفساد يشكل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق الكفاءة الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات. ودعا إلى تبني إجراءات جادة لتعزيز الشفافية والحوكمة في إدارة الموارد العامة.