هاهي بابل العظيمة تتصدر الواجهة من جديد، من خلال عودتها الى لائحة اليونسكو للتراث العالمي لتصبح الحدث العراقي والعالمي الابرز الذي تتداوله وسائل الاعلام في كل مكان، وما حصل اليوم بعد قرار اليونسكو في اجتماعه المنعقد في باكو لم يكن مصادفة، بل جاء تتويجا لجهود عراقية استمرت سنوات طويلة من اجل تحقيق هذا المسعى.
ان اعادة بابل الى لائحة التراث العالمي هي اضافة نوعية الى هذه اللائحة قبل ان تكون اضافة الى بابل اكبر حواضر العالم القديم واهمها على الاطلاق، ونصر معنوي كبير للعراق الذي احتضن اعظم حضارات الدنيا منذ فجر الخليقة الى يومنا هذا.
ومن حق العراقيين ان يفخروا بانهم ورثة هذه الحضارة التي علمت الانسانية الفنون والاداب والعلوم والشرائع، وازدهرت فيها التجارة والادارة والزراعة والفنون الحربية والنظم السياسية، فبابل يعرف الجميع انها موطن الكتابة والعلم والقوة وارض الاسد والبرج الشهيرين باسمها، وامبراطورية المعابد والمسلة والزقورات، وشارع الموكب، وباب عشتار الشاهق، واعجوبة الجنائن المعلقة.
فمنذ مطلع القرن العشرين ذهل العالم اجمع باكتشاف بوابة عشتار اهم معالم مدينة بابل واهم عجائب الدنيا وصروح العالم القديم، وزاد اعجاب بعثات التنقيب بهذا الصرح العمراني المهيب بعد ان وجدوا كلمات الملك البابلي نبو خذ نصر منقوشة عليها، ضمن سلسلة الاكتشافات التاريخية المهمة لكنوز بابل وآثارها العظيمة التي تدل على عمق الارث الحضاري لهذه الارض وسعة مساحة علومها وفنونها وعبقرية رجالها. واليوم وبعد سنوات من العمل الحقيقي لاعادة بهاء بابل ومجد حضاراتها، وفرت الحكومة العراقية مناخات مناسبة لاعادة بابل الى الواجهة من خلال الاستجابة لشروط اليونسكو ومن خلال تخصيص 49 مليون دولار لتهيئة الخدمات الضرورية وتشييد مناطق سياحية وتاهيل البنية السياحية واجراء بعض اعمال الصيانة في المعالم واجراء صيانة وقائية للآثار فيها. ومن المتوقع ان تستقطب هذه المدينة عشرات الوفود ومئات المجاميع السياحية من مختلف دول العالم خلال الشهور المقبلة، وسيهتم الجميع ببابل، وكيف لا ومنها ابتدأ التاريخ واليها يعود مجددا.