إرث شهرزاد

ثقافة 2025/02/13
...

  بغداد: الصباح


إن التأثير الثقافي الذي يمارسه اسم "شهرزاد" متجذراً في التعقيد من حيث الأفكار ووجهات النظر. لكن هذا لا يمنع من تميزه الفريد، حيث تعزز سردياته المتداولة مفاهيم تتعلق بالنسوية والفلسفة والأدب والفن. 

لقد حاولت جمانة حداد عبر كتابها "وصايا شهرزاد الأخيرة" الذي صدر مؤخراً عن دار نوفل/ هاشيت أنطوان أن تركز هذه المرة على شخصية شهرزاد التاريخية التي تزخر بالرؤى حول الأنوثة والخضوع، وربطها سياقاً بشخصية المرأة اليوم وما يدور حولها من قضايا راهنة. 

في فصول الكتاب تفحص جمانة فكرياً المنظور النسوي العام المرتبط جوهرياً بحياة النساء الشرقيات، وتلك الانتقالات المتعلقة بحكايا الأنوثة والزواج والدور السياسي والسلطة. 

وعن شهرزاد وألف ليلة وليلة يحضرنا رأي المؤرخة، كاتبة الأساطير النسوية مارينا وارنر في أن شهرزاد كانت تحاول طوال الليالي سرد قصصها كي تثير انتباه شهريار نحو سياسة الحب والعدالة وتجاه رؤية أخرى للإنسانية، غاية في إيجاد سياسة بديلة. 

لقد مثلت شهرزاد تلك الفكرة القائمة على مسألة الدفاع عن حقوقها، وفي نهاية المطاف تأكيد إنسانية المرأة وتغيير وجهات النظر تجاه أدوار النساء في المجتمع. فشهرزاد تذكرنا دوماً من خلال علاقتها بشهريار بمقولة الفيلسوف ميشيل فوكو "قول الحقيقة في لعبة الحياة أو الموت" وكيف أنها تمكنت من إعادة قيمة المرأة إلى إنسانيتها بدلاً من قيمتها الجنسية. وكيف أن سردها للقصص كان محفوفاً بالمخاطر، ولكنها تمكنت من تعطيل فكرة القتل والعنف عبر سرديات فككت مفهوم العبودية الجنسية ورسخت للاستقلال والإرادة الحرة.

ونتيجة لذلك، تم تصوير شهرزاد كرمز نسوي مع أدوار المرأة في المجتمع الحديث. لذا يحفل كتاب جمانة حداد بتلك المفاهيم وفقاً "لعلم الاجتماع، والتربية، وعلم النفس، والسياسة، والسيرة الذاتية" ويركز على شخصيات أنثوية تاريخية، ما يؤكد قدرة النساء على الوجود بشكل مستقل. وتتأمل حداد أيضاً الأنوثة وفكرة أن قدرة المرأة على الاستفادة من صفاتها الأنثوية بشكل مفيد هو ما يسمح لها بتجاوز الحواجز الثقافية والمجتمعية التي تفرضها الأنظمة الأبوية. أن تقدير جمانة حداد للجمال الأنثوي عبر كتاب "وصايا شهرزاد الأخيرة" يستحضر مشاعر التمكين، وبالتالي يؤكد إرث شهرزاد النسوي.