الحرب لم تعد باردة

قضايا عربية ودولية 2025/02/13
...

علي حسن الفواز




يمكن القول إن الصراع الروسي الأوكراني أضحى حربا تقليدية، فقدت كثيرا من إيقاعها، ومن اهتمام العالم بها، فرغم ما أثارته هذه الحرب من أسئلة، ومن مواقف، ومن اصطفافات دولية، إلا أن العجز عن تحقيق نصر ناجز فيها، جعل من تداعياتها أكثر خطورة على ملفات الاقتصاد والأمن العالميين، وعلى سياسات دعم أوكرانيا في صراعها، وفي تحمل نفقاتها الكبيرة عسكريا 

واقتصاديا.

البحث عن حلول منطقية لهذه الحرب، وضع سياسة الرئيس الأميركي أمام تحديات صعبة، وإجراءات تتطلب نوعا من الدبلوماسية الحادة، يتجاوز بها عقدة “الدعم المفتوح” لجبهات الحرب، والبحث عن علاقات جديدة مع روسيا، مع إيجاد ضمانات أمنية تجعل من الولايات المتحدة هي القوة الساندة للأمن في أوروبا وفي العالم، وهو ما أكده الرئيس الأوكراني زيلنسكي بالقول: “الضمانات الأمنية من دون أميركا ليست ضمانات أمنية حقيقية» .

الخشية من تغيّر معادلة الصراع، تفتح الأبواب على احتمالات متعددة، وأمام مطالب قد يضعها الرئيس الروسي في سياق الحديث عن وجود صفقات للحل، أو لوضع الملف في خانة المصالح الأميركية، من خلال البحث عن عقود أو استثمارات، أو حتى تنازلات، تُعطي لدبلوماسية ترامب حظوة أخرى في سطوته الرئاسية.

البحث عن إيقاع جديد لهذه الحرب المفتوحة قد يكون خيارا أخيرا، لكسر رتابتها وتقليديتها، وعلى نحوٍ يجعل من الروس والأوكرانيين يدركون خطورة البقاء في الجحيم، وفي تحويل أوروبا إلى ترسانة للأسلحة، وإلى ملاذات للاجئين، وهو ما يعني الاستمرار في تهديد أمنها الداخلي، واقتصادياتها التي تعاني من مشكلات كبيرة، فضلا عن تأثيراتها في التشجيع على سباق جديد للتسلح الصاروخي، والتحفّز النووي، وعلى تحويل الملف الأمني إلى هاجس يضع العالم أمام مسؤوليات ضاغطة وحرجة، في مواجهة أزمات الغذاء والفقر، وفي التعاطي مع “الملفات العدائية” التي أثارتها الحرب منذ أكثر من ثلاث 

سنوات.

لم يعد واقع الحرب سهلا مع الرئاسة الأميركية، فبقطع النظر عن تصريحات الرئيس ترامب، فإن هناك شكوكا بشأن وجود دعم مفتوح لأوكرانيا، وبقاء مخازن الأسلحة تحت التصرف، في الوقت الذي يحقق فيه الروس انتصارات واضحة في جبهات القتال، وهذا ما يجعل فكرة الاستمرار في الدعم والإسناد موضوعا للمراجعة، وربما لإيجاد حلة عقلانية تحترم توازن القوى، وتخفف من غلواء العدائية والكراهية التي اجتاحت أوروبا، وجعلت مواقفها من روسيا أكثر خرقا لقواعد الدبلوماسية في السياسة وفي الاقتصاد والثقافة، وحتى في

الرياضة.