بداية الحلول

الأولى 2025/02/19
...

 كتب رئيس التحرير:


الحوار الأميركيُّ الروسيُّ الذي جرتْ وقائعه أمس في العاصمة السعوديَّة الرياض، قد يكون أولى الخطوات الجادَّة على طريق إنهاء الحرب في أوكرانيا. وهو بداية مشجِّعة داعية للتفاؤل لأنَّ الصراعات ـ خصوصاً الكبرى منها ـ لا يمكن أنْ يُتصوّر مخرجٌ منها إلا بحوارٍ حقيقيٍّ بين الأطراف كلّها.

غير أنَّ ما تحاوله أميركا في أزمة أوكرانيا، كان ينبغي أنْ يكون حاضراً أيضاً في تعاطيها مع أزمةٍ أكبر وأقدم وأشدّ تعقيداً، هي المأساة الفلسطينيَّة التي تكاد تبلغ أعوامها الثمانين من دون حوارٍ جادّ ومبادراتٍ حقيقيَّة.

الحلول التي اقترحتْها أميركا للقضيَّة الفلسطينيَّة، وهي حلولٌ تكرَّرتْ باضطرادٍ خلال الأيّام الماضية على لسان الرئيس ترامب، لم يكن الحوار داخلاً فيها، بل أتتْ على هيأة أوامر حازمةٍ جازمةٍ تقضي بترحيل شعبٍ كاملٍ من أرضه واقتطاع أراضٍ من دولٍ مجاورةٍ لتأسيس وطنٍ بديلٍ لهؤلاء الذين سيُقتلعون من وطنهم الذي لا يعرفون وطناً سواه.

أميركا تطلُّ على أزمة أوكرانيا من شرفةٍ عقلانيَّةٍ تماماً ولهذا فهي تلجأ للحوار وسماع وجهات النظر المختلفة، لكنّها تنظر إلى معضلة فلسطين من نافذةٍ لا علاقة لها بالعقل ولا بالمنطق وإنْ روَّجتْ إدارة ترامب لما تُسمّيه دبلوماسيَّة تفكّر خارج الصندوق.

يحضرني هنا مقال "توماس فريدمان" الذي نشره أول من أمس، وكتب فيه أنَّ ما يفعله ترامب تفكيرٌ خارج العقل لا خارج الصندوق.

مباحثات الرياض التي جرتْ أمس كانتْ مهمَّةً للغاية وقد تُسهم في إطفاء نار حربٍ عبثيَّة، لكنَّ فلسطين ومأساة أهلها أحوج إلى هذا التعقل الأميركيِّ وهذا الحوار الجادّ.