بغداد: الصباح
حلت يوم أمس الذكرى الـ 26 (في التقويم الميلادي) لاستشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه (قدس الله أسرارهم) على يد الأجهزة القمعية التابعة للنظام الصدامي المباد.
وفي هذه المناسبة، استذكر المؤمنون مواقف السيد الشهيد، وشحذ الهمم على نشر الإسلام المحمدي والدفاع عن مبادئ الإسلام، وسيرته العطرة الزاخرة بالعطاء والمواقف الشجاعة الرافضة للظلم والطغيان.
السيد محمد محمد صادق الصدر
هو المرجعُ الديني آية الله العظمى السيد مُحمّد بن مُحمّد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل الصدر، وُلِدَ في مدينة الكاظمية المقدسة في 23 آذار العام 1943 من أسرة آل الصدر العربية العلمية الدينية العريقة.
ترعرع في أجواء العلم وحفظ القرآن والدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، عُرِفَ بتحديه للأنظمة الحاكمة ومقارعتها، خاصة النظام البعثي الصدامي المباد، وتجلى هذا التحدي بإقامته (قدس سره) صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، وتعميم إقامتها بمختلف المحافظات، وهو تحدٍ لم يشهد له مثيل في تأريخ العراق منذ حقب طويلة، واتخذ السيد الصدر من هذه الحركة الفريدة والنوعية منبراً لتوعية أبناء الأمة، وكذلك لإشهار سخطه على السياسة المحلية والدولية.
قضى الشهيد السعيد السيد محمد محمد صادق الصدر حياته بين دروس العلم ومدارسه الحوزوية، ولفت انتباه أساتذته بذكائه وسرعة بديهته وغزارة قراءته للكتب على اختلافها، فدرس على يد عدد من العلماء الكبار، منهم السيد روح الله الخميني، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر، والسيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محسن الحكيم، وغيرهم من أساطين العلم.
ارتدى السيد (قدس سره) الزي الديني وهو في الحادية عشرة من عمره، ودرس النحو على يد والده السيد محمد صادق الصدر، ثم على يد السيد طالب الرفاعي وحسن طراد العاملي أحد علماء الدين في لبنان، ثم أكمل بقية المقدمات على يد السيد محمد تقي الحكيم ومحمد تقي الأيرواني، وتخرج في الدورة الأولى من كلية الفقه عام 1964.
بدأ السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر بتدريس (البحث الخارج) في عام 1978 م وكانت مادة البحث التي يدرسها (المختصر النافع) للمحقق الحلي.
وأخذ السيد الشهيد يطرح أبحاثه في الفقه والأصول وأبحاث الخارج عام 1990 واستمر في ذلك متخذاً من مسجد (الرأس) الملاصق للصحن الحيدري مدرسة لتلك الأبحاث.
تصدي السيد الصدر واستشهاده
شارك السيد الصدر في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد النظام الصدامي، وسرعان ما تم اعتقاله من قبل عناصر الأمن، إذ تعرض جسده الطاهر إلى أبشع أنواع التعذيب.
وفي عام 1993 وبعد وفاة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري، سعى السيد الصدر للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فقام بخطوات عديدة أهمها إرسال المبلغين إلى أنحاء العراق كافة لتلبية حاجات المجتمع.
وبسبب دعواته الإصلاحية وجرأته أصبح السيد الصدر مصدر إلهام روحي لأغلب العراقيين لاسيما الشباب، الأمر الذي جعل النظام البعثي يشعر بخطورة السيد الصدر على بقائه، فأقدمت الأجهزة القمعية التابعة لدوائر الأمن على اغتيال هذا العالم الرباني الكبير الذي وضع بصمة في ضمير الأمة، ونقش على جبينها كلماته الثلاث المشهورة (كلا كلا أمريكا.. كلا كلا إسرائيل.. كلا كلا للشيطان)، وفي يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة، الموافق للتاسع عشر من شباط عام 1999 تعرض السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر لعملية ملاحقة من قبل سيارة تابعة للأجهزة القمعية للنظام الصدامي المباد، بعد خروجه من الصحن الحيدري الشريف باتجاه منزله في منطقة الحنانة برفقة نجليه السيدين الشهيدين مؤمل ومصطفى، وأُطلق النار على السيارة التي كان يستقلها مع نجليه، وسرعان ما اصطدمت العجلة بشجرة قريبة، فترجل المهاجمون من سيارتهم وبدؤوا بإطلاق النار بكثافة على السيد الصدر ونجليه، فاستشهد السيد مؤمل فورا، أما السيد محمد محمد صادق الصدر فقد تلقى جسده الطاهر رصاصات عدة، ولكنه بقي على قيد الحياة، وعند نقله إلى المستشفى تم قتله برصاصة بالرأس من قبل أزلام النظام المباد، أما السيد مصطفى فأصيب بجروح ونقل إلى المستشفى من قبل الأهالي واستشهد هناك متأثراً بجروحه.
وعلى إثر انتشار خبر استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر، شهدت مناطق جنوب العراق ومدن عديدة في العاصمة بغداد، غضباً شعبياً عارماً عرف بانتفاضة الصدر 1999 التي واجهها النظام البعثي وأجهزته بالقتل والاعتقالات والمطاردات.