قمة العالم

قضايا عربية ودولية 2025/02/20
...

علي حسن الفواز



يمكن توصيف اللقاء المزمع إقامته بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين بأنه "قمة العالم" إذ سيفتتح الرئيسان زمناً سياسياً يرتبط بمحاولات فكّ اختناقات الاشتباك الدولي، والبحث عن حلول، ليست بعيدة عن اإعادة توزيع الغنائم والثروات والحلفاء، وبهذا فإن "قمة العالم" ستكون خياراً مقصوداً في التفاوض، والمراجعة، والاستثمار، وتحويل قضية الحرب الروسية الأوكرانية إلى مدخلٍ لتوسيع أسواق المصالح بين الطرفين، ووضع حسابات التجارة والأمن الستراتيجي فوق حسابات السياسة، وهذا ما سيثير اللغط حول سياسة الرئيس ترامب ورهاناته،  على النجاح، وعلى فرض أفكاره على الأوروبيين، وعزلهم عن الجبهة الأوكرانية وعن أسواق معادنها الكبيرة.

يأتي اختيار المملكة العربية السعودية مكاناً لعقد اللقاء في سياق الإشارة إلى أهمية الشرق الأوسط، وإلى دوره المستقبلي في مرحلة ما بعد الحرب، فضلاً عن احتمال استثمارها في فرض حلول أميركية على المنطقة، وعلى "الملف الفلسطيني" بشكل خاص، وربما لجعل هذا اللقاء محوراً مفصلياً، في إدارة ملفات تخصُّ قضايا سياسية وأمنية واقتصادية، ووضع تصورات جيوسياسية لخارطة المنطقة الستراتيجية، والبحث عن حلفاء ووسطاء خارج الجماعة الأوروبية، التي وجدت نفسها مُحرجة بعد تصريحات الرئيس ترامب ورغبته بلقاء الرئيس بوتين، والتنسيق معه لوضع معالجات سياسية وأمنية وجغرافية للصراع، وكذلك بعد ما جرى في مؤتمر ميونخ الأمني، والتصريحات اللاذعة لنائب الرئيس الأميركي حول الديمقراطية والأمن في أوروبا.

الأخطر ما في هذه المعطيات، هو ما يُطرح من أسئلة مفارقة تخصُّ الموقف الأوكراني، وموقف الرئيس زينلسكي بالذات من هذا اللقاء، فهل سيجد نفسه خارج المعادلة؟ وهل سيدفع اللقاء إلى اعترافات متبادلة بين الطرفين؟ ومن الذي سيقوم بإعمار أوكرانيا وما هو ثمن ذلك؟

هذه الأسئلة تضع الجميع أمام وقائع جديدة، وتصوّرات لا حِياد فيها، لأن غلق بوابة الحرب، يعني فتح أبواب أخرى، تخصُّ الأثمان التي سيدفعها المحاربون، والتي تعني جعل "كييف" تحت يد "المارشال الأميركي" للاستفراد بثرواتها، ولوضع تصورات محدّدة أمام الأوروبيين للقبول بالمقترحات الأميركية، فهذه الحرب قد تكون الأخيرة في أوروبا، وأن الرئيس بوتين ليس ايديولوجيا مغلقاً، وربما سيكون أكثر مرونة في التعاطي مع أطروحات الرئيس ترامب، لأن تواصل الحرب المفتوحة، وعزلة روسيا سيكون لهما تأثير كبير عليها، وعلى مستقبل الرئيس بوتين شخصياً، وهذا ما يدفع إلى الإفصاح عن وجود رغبة مشتركة لـ"لملمة" أطراف الحرب والخروج بأقل الخسائر منها، أو ربما الخروج بانتصارات رمزية، رغم ما سببته الحرب خلال سنواتها الثلاث من آثار فجائعية أدت إلى قتل عشرات الآلاف بين الجانبين، مثلما تسببت في تدمير البنى التحتية، وفرض عقوبات كثيرة على روسيا، أضرت بوضعها الاقتصادي والأمني والرياضي.