كتب رئيس التحرير:
يقف السيّد الشهيد محمّد محمّد صادق الصدر في حيّزٍ استثنائيّ في تاريخ التشيّع لا يشغله أحدٌ سواه.
الاستثناء ليس في علمه وحسب، ولا في المشاقِّ التي رافقتْ مسيرته العلميَّة طالباً فأستاذاً فمرجعاً كبيراً، بل في قدرته العجيبة على إنزال هذا العلم الجمّ إلى الشارع، وفي سعيه إلى ربط عقول الناس البسطاء بموارد عقائديَّةٍ وحكميَّةٍ وعرفانيَّة كانتْ قبله حكراً على أوساط الدرس الحوزويّ.
كان السيّد الشهيد قريباً من الناس قرباً ذا معنيين، ماديّ جسديّ وآخر معنويّ روحيّ. فقد كانتْ رؤيته متاحةً للجميع، والمتحلقون حول درسه كثر، وأكثر منهم المتحلقون حوله في صلوات الجمعة وهو يُلقي على أسماعهم كلاماً بسيطاً في مبناه، عميقاً ومؤثراً في معانيه.
لكنَّ الدرس الأكبر للشهيد الصدر لم يكنْ في ما نطقتْ به شفتاه أو كتبتْه يداه، على عظمة ما نطق وكتب، بل ما كانه هو كلّه بسيرة حياته وطريقة تعاطيه مع الناس وتحويله الدرس الحوزويّ إلى حياةٍ معاشة، وجعله المباني العرفانيَّة على الأخصِّ متداولةً بين الشباب.
فعل شهيدنا هذا وأكثر في ظلِّ أجواءٍ جهنميَّةٍ كان النظام الدكتاتوريُّ يتفنّن في اجتراحها قمعاً ومطاردةً وتضييقاً، وكان يُدرك أنَّ نهاية مسيرته لن تكون مختلفةً كثيراً عن خواتيم مسيرة الأئمة الصالحين في ظلِّ حكم الطغاة. لكنَّ السيّد كان كتلةً من الشجاعة ترتدي كفناً أبيض.
لقد مسّ بعصاه أجيالاً كاملةً فأصابهم بعدوى الشجاعة.
فالسلام عليه في يوم ذكرى استشهاده.