رؤية: علي النعيمي
على مدار مواسم عدَّة، ما زالت كرتنا تفتقد إلى اللاعب القادر على الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، أو التسلّم في المناطق الساخنة بالقرب من منطقة الجزاء أو فك التكتل والخروج بها في المساحات النصفية بجوار المنطقة الـ(14)، ولا نعني هنا المراوغ البارع، بل الذي يُجيد التمركز، ويُدرك جيداً اتجاهات الضغط، ويستطيع التصرّف السليم في المساحات الضيقة، أما النقطة الأخرى التي تُعدّ الأكثر شيوعاً في دوري نجوم العراق فهي انخفاض نسبة إحراز الأهداف التي تأتي عن طريق التحوّلات السريعة أو من اللعب المباشر.
التدريب قديماً
قبل عقود، كانت النصيحة الدائمة في الملاعب التي يرددها مدربو الفئات العمرية هي "ابتعد عن الضغط وابحث عن زميلك الحر"، لكنَّ كرة القدم الحديثة قلبت المعادلة، وأصبح الشعار: "احتفظ بالكرة رغم الضغط، وتسلّمها وتعامل معها في المساحات الضيقة، وتخلص من الرقابة بلمسة أو مراوغة سريعة".
عملة نادرة
في دورينا، لا يزال هذا النموذج من اللاعبين نادراً لأنَّ معظم الفرق تلجأ إلى التحولات السريعة، متجاوزة فكرة البناء التدريجي والاستحواذ الهادف، مما يفقدها القدرة على التحكم بالإيقاع وخلق مساحات حقيقية داخل الملعب بالإضافة إلى غياب نوعية اللاعبين الذين يمتلكون رؤية واضحة ولديهم القدرة على امتصاص الضغط ما يجعل من الهجوم العشوائي هو السمة الغالبة، إذ تضيع الكرات بسهولة، وتُهدر الفرص التي كان يمكن أن تتحول إلى أهداف محققة.
المدافعون أيضاً!
هذا الخلل لا يقتصر على خط الوسط والهجوم، بل يمتد إلى المدافعين الذين يعانون عند تسلّم الكرة تحت الضغط، وكأنها "كرة نارية تتوهّج أكثر كلما اقتربت منهم"، مما يخلق ارتباكاً واضحاً في التنظيم الدفاعي، ويؤدي إلى أخطاء كارثية، شاهدنا انعكاسها حتى على أداء منتخبنا الوطني.
استثمار التحولات
أما السلبية الأخرى المشخصة على الكرة المحلية فتتضح في عدم استثمار التحولات السريعة، ومن ثم إحراز الأهداف مستغلين هذه الحالة التكتيكية التي أصبحت السمة الأبرز في لعب ليفربول وبرشلونة ومانشستر سيتي، لأنَّ كل تحول يعتمد على توقّع صحيح، وتنظيم دقيق، ويقترن بتحركات جماعية ذكية هنا يكمن الفرق، فتلك الانتقالات ليست مجرد اجتهادات فردية وانطلاقات مباشرة إلى الأمام، بل أسلوب لعب مدروس ومنهجي.
الركض من الخلف
كذلك لا تعتمد كرة القدم الحديثة على الركض خلف الكرة فقط، بل على إدراك اللحظات المناسبة للانطلاق الذي يؤمن للاعب المنطلق المساحة المثالية للاستحواذ، والتمرير، والتحرك في الفراغات، في الختام نقول إذا استمررنا في تجاهل تفاصيل كهذه في التدريبات التي تبدأ عادة مع الفئات العمرية ومن الصعود بها إلى الخط الأول، فسوف نبقى نبحث عن الأهداف وسط فوضى الكرات الضائعة.