اليوم.. تشييع سيد المقاومة

بيروت/ جبار عودة الخطاط
بعد خمسة أشهر من عملية اغتياله الجبانة في غارة صهيونية غادرة، يُشيع العالم اليوم سماحة الأمين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصر الله. ويأتي هذا اليوم المفصلي في وقت بالغ التعقيد على لبنان وحزب الله، الذي يتعطش جمهوره الواسع لتوديع قائده الذي أحبه في علاقة فريدة؛ إذ جمعت نصر الله بالقاعدة الجماهيرية الكبيرة للحزب في لبنان أواصر محبة آسرة.
وتسعى الأوساط الشعبية للحزب إلى إطلاق عدة رسائل للداخل والخارج عبر تشييعها الحاشد لأمينها العام الشهيد، في أعقاب الأحداث المؤلمة التي أعقبت توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 أيلول الماضي بين الحزب وجيش الكيان المحتل.
ومن المنتظر أن تنطلق مراسم تشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، في مدينة الرئيس كميل شمعون الرياضية في بيروت، عند الساعة الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي للبنان، أي قبل ساعة من توقيت بغداد اليوم الأحد.
ويستهل التشييع الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في كلمة تأبينية ينتظر أن تحمل الكثير من المؤشرات السياسية، يعقب ذلك أداء صلاة الجنازة، ثم تنطلق مسيرة التشييع الحاشدة إلى مكان الدفن حيث سيوارى الثرى السيد حسن نصر الله في مرقد يقع بين الشارعين القديم والجديد لمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، بينما سيدفن السيد هاشم صفي الدين في مسقط رأسه ببلدة دير قانون النهر قضاء صور جنوبي لبنان، علماً أنّه سيتم تشييعه بصفته أميناً عاماً سابقاً لحزب الله وفقًا لما ذكره الأمين العام الحالي نعيم قاسم في إطلالة سابقة له، بأنه تم تعيين صفي الدين خلفًا لنصر الله، غير أن اغتياله حال دون إعلان ذلك رسمياً.
يذكر أنّ السيد نصر الله دُفن مؤقتاً "كوديعة" في مكان سرّي، جراء استمرار العدوان الصهيوني على لبنان والخروق الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار، والظروف الأمنية المعقدة؛ الأمر الذي تعذر معه إقامة مراسم التشييع برغم مرور أشهر على اغتيال الشهيدين.
في السياق، أعلن رئيس اللجنة التنظيمية لمراسم التشييع، النائب حسن فضل الله، " اكتمال التحضيرات لتشييع الأمينَين العامَين الراحلين لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين".
وأشار إلى أن "الإجراءات المتخذة فعّالة لضمان سير التشييع بشكل منظم، بغض النظر عن الظروف المناخية أو محاولات التهويل من أي جانب كان".
وأضاف فضل الله، أن "التشييع سيكون تاريخيًا وغير مسبوق في لبنان والمنطقة العربية، من حيث الحضور الجماهيري الكبير الذي سيكون مشحونا بالعاطفة السياسية والتعبير عن الموقف والالتزام".
ولفت في تصريحات له أمس السبت، إلى "التعاون القائم مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، بما في ذلك الجيش وقوى الأمن الداخلي، لضمان نجاح العملية، وجميع التفاصيل المتعلقة بالتشييع قد تم إنجازها بشكل كامل لضمان مرور هذا اليوم التاريخي بسلاسة".
كما شدد فضل الله على أن "التشييع سيحمل رسالة تاريخية ويعكس الالتزام بنهج السيد نصر الله"، مبيناً أن "هناك وفودًا عديدة قادمة من الخارج"، وأن "التشييع سيجمع بين الحضور الشعبي والسياسي الرسمي"
وعن الحضور الرسمي في التشييع، أشار فضل الله إلى أن رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي أكدتا المشاركة".
وشدّد على أن يوم "23 شباط 2025 موعد لن ينساه أحرار العالم".
بدوره قال منسق اللجنة العليا لمراسم تشييع نصر الله وصفي الدين، الشيخ علي ضاهر: إنّ الفريق المختصّ بإرسال الدعوات والتشريفات أحصى مشاركة نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية.
وأشار إلى أنّ "اللجان الفرعية المنظمة ستبذل جهدها ليظهر الحدث بكامل أبعاده وجماله، وليعكس المعاني التي يتضمّنها هذا الحضور، والتي تجسّد البعد الخارجي والإقليمي والدولي لشهيدنا الأسمى وحجم تأثيره وحضوره".
أما النائب جميل السيد فأشار، في تصريح له، إلى أن "الأحد 23 شباط، يوم تشييع الشهيد السيّد حسن نصر الله سيّد شهداء المقاومة، فلْيَكُن وداعُهُ يوماً وطنياً يشبهُهُ ويليقُ بعظَمة استشهاده وعظيم تضحياته دفاعاً لبنان والتزاماً بقضية الحقّ فلسطين، وليَكُن وداعاً يُرضيه ويرضى عنه تنظيماً ومظهراً وانضباطاً وحضوراً وسلوكاً وكلاماً وخطاباً، وداعاً جامعاً فوق الطائفية والسياسات والمناطقية والعصبيّات، وعندها نكون قد أكرمناه حقَّ كرامته وأوفيناه حقّ الوفاء".
في حين اعتبر الرئيس اللبناني الأسبق أميل لحود أنّ "يوم الأحد لن يكون فقط يوم تشييعٍ بل يوم تكريمٍ ووفاء للسيّدَين حسن نصر الله وهاشم صفيّ الدين، اللذين نفتخر بهما". واعتبر لحود، في بيان، أنه "يجب أن يكون هذا اليوم يوم تقديرٍ واحترامٍ لتضحيات جميع الشهداء، منذ انطلاق المقاومة ضدّ العدو الإسرائيلي قبل 75 عاماً، وعلى رأسهم السيّد حسن نصر الله الذي عاش حياته وكرّسها كاملةً لهذه القضيّة السامية، وهي حماية الوطن والشعب من هذا العدو الذي أظهر مرّةً جديدةً مدى وحشيّته، عبر محاولة إفناء شعب بكامله، أكان في لبنان أو في غزة".
ورأى لحود أنّ "يوم 23 شباط يجب أن يكون يوماً وطنيّاً يشارك فيه جميع اللبنانيّين، خصوصاً من وقفوا إلى جانب إخوانهم في الحرب في مختلف المناطق اللبنانيّة، فجسّدوا مشهداً إنسانيّاً بامتياز ساهم بمواجهة العدوّ الذي سعى إلى زرع الفتنة الداخليّة المستمرّة من خلال محاولة إفشال هذا اليوم الوطني الإنساني وتحويله إلى جدليّة داخليّة سياسيّة يُراد بها زرع الشقاق بين اللبنانيّين"
من جانبه، اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النّائب علي فياض، أنّ "المشاركة في تشييع الأمين العام السّابق لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله يوم الأحد، هي أقل الوفاء للرّمز الأكبر، وما سيحصل هو حشد مليوني غير مسبوق في التّاريخ السّياسي اللّبناني".
وكشف فياض عن أنّ "مئات الوفود أكّدت حضورها من 65 دولة في العالم، ومئات الشّخصيّات اللّبنانيّة و400 شخصيّة رسميّة من الخارج ستحضر التّشييع"، مشيرًا إلى "أنّني علمت أنّ رئيس مجلس النّواب نبيه بري سيحضر التّشييع وسيمثّل رئيس الجمهوريّة، وهذه المناسبة ليست خاصّة بالطّائفة الشّيعيّة بل هي مناسبة وطنيّة".
وأكّد فيّاض أنّ "حزب الله كان وما زال الحزب الأكبر والأوزن على المستوى الشّعبي، والقاعدة الحزبيّة خلال الحرب ازدادت تماسكًا". بينما اعتبر رئيس جمعية الإصلاح والوحدة، الشيخ الدكتور ماهر عبد الرزاق، أن "تشييع السيد حسن نصر الله شهيد الأمة يوم الأحد، يشكل حدثاً مفصلياً في تاريخ مسيرة الأمة الجهادية والصراع مع العدو الصهيوني، كما الشهيد السيد هاشم صفي الدين".
واعتبر أن "السيد الشهيد عاش واستشهد من أجل غزة وفلسطين، وهو مفخرة لكل العرب والمسلمين وكل أحرار العالم". وقال: "فليكن يوم التشيع يوما للتضامن الوطني والإسلامي في مواجهة الأعداء، وانتصاراً لفلسطين وغزة ولبنان وقضايا الأمة".
ودعا عبد الرزاق: "الجميع إلى المشاركة، لأنها مناسبة وطنية وإسلامية جامعة، ولبنان يودع قائداً مقداماً على مستوى الأمة"، وأكد أن "المشاركة غداً هي لتأكيد نهج المقاومة لتحرير لبنان وفلسطين وانتصار الأمة".
إلى ذلك كشف نجل الأمين العام الأسبق لحزب الله الشهيد عباس الموسوي، السيد ياسر الموسوي، أن "السيد حسن نصر الله كان يعلم أنه سيستشهد، وأنه قضى نتيجة الضغط الكبير وليس نتيجة أي جروح أصيب بها"، مشيرا إلى أن "جسده كامل ولا يوجد فيه أي خدش".
وأوضح الموسوي أن "الفرق الصحية وصلت إلى جثمان السيد في صبيحة يوم السبت، وبعد تأكيد خبر الاستشهاد عمّت حالة من الضياع في صفوف الحزب، ولكن السيد هاشم صفي الدين استدرك الوضع وثبت الأمور سريعا"، مشيرا إلى أن "السيد نصر الله تم دفنه وديعة سراً بعد أن تمت الصلاة عليه من قبل نجله السيد جواد ومرافقيه فقط".
في غضون ذلك، ترأس وزير الدّاخليّة اللبناني أحمد الحجار اجتماعًا لمجلس الأمن الدّاخلي المركزي، بحضور مدعي عام التّمييز القاضي جمال الحجار، والمدير العام لقوى الأمن الدّاخلي اللّواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللّواء إلياس البيسري، ومحافظ مدينة بيروت مروان عبود، وعدد من قادة الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة والدّفاع المدني. وأشار بعد الاجتماع، إلى "أنّني اطّلعت من المعنيّين في الجيش اللّبناني وقوى الأمن الدّاخلي والأمن العام وأمن الدّولة والدفاع المدني، بحضور مدعي عام التّمييز، على التّدابير والإجراءات المتّخذة يوم التشييع نهار الأحد في 23 شباط الحالي"، موضحًا أنّ "الهدف من هذه الإجراءات المحافظة على الأمن والنّظام، وبشكل أساسي تأمين أمن المناسبة وتأمين الأمن لكلّ المشاركين وغير المشاركين وبشكل عام لكلّ المواطنين اللّبنانيّين في كلّ المناطق وتسهيل حركة السّير، والعمل على أن تمرّ هذه المناسبة على نحو لا يؤثّر في أمن المشاركين ولا أمن النّاس بشكل عام".
ويأتي الاجتماع بعد اجتماع أمني رفيع برئاسة رئيس الجمهوريّة جوزيف عون، وحضور وزيرَي الدّفاع والدّاخليّة، وقائد الجيش اللّبناني بالإنابة، بالإضافة إلى المديرَين العامَّين لقوى الأمن الدّاخلي والأمن العام، ونائب المدير العام لأمن الدّولة، ومدير المخابرات في الجيش، لتأمين الظروف الموضوعية للتشييع الحاشد.
وكان السيد الشهيد نصر الله قد استشهد إثر قصف صهيوني ضخم لغرفة عمليات حزب الله في حارة حريك، مستهدفًا اجتماعًا عسكريًا يرأسه الشهيد نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية، في 27 أيلول 2024، ما أدى إلى استشهاده، وقد استخدم الطيران الحربي الصهيوني بين 80 إلى 85 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن كل واحدة منها طنا أو طنين من المتفجرات كما أكدت
المصادر .