علي حسن الفواز
يكشف الكيان الصهيوني عن استمراره في سياسات الحروب المفتوحة، من خلال التخريب والتهجير، وفرص إجراءات الحصار الاقتصادي على المدن الفلسطينية، وعلى نحوٍ يجعل من "الضفة الغربية" هدفاً جديداً للعدوان، وتحت مبررات كثيرة، أولها وجود فصائل مسلحة فيها، وآخرها قطع الطريق على تسنُّم السلطة الفلسطينية أي مسؤولية في قطاع غزة، وتمثيلها للقرارات الدولية الخاصة بإنشاء "الدولة الفلسطينية" انطلاقاً من الضفة الغربية.
هذه الأخطار لا تعني سوى المزيد من افتعال الصراع، والمزيد من العنف، ومن سياسات تجريف الأرض الفلسطينية، والسلوك العنصري في تقويض هويتها التاريخية والسيادية والسياسية، فضلاً عن العمل على وضع نظام القوة كرهان على فرض إجراءات الأمر الواقع، والضغط باتجاه التماهي مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حول تنفيذ مشروع براهما، وفرضية الأرض البديلة.
إن ما يجري من تعسف سياسي وأمني واقتصادي، ومن حصارٍ وضغطٍ على مدن الضفة الغربية يؤكد طبيعة الهوَس الصهيوني بقضم الأرض، وفرض عدوانية الاستيطان الجائر من خلال الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وبناء مستوطنات جديدة عليها، مقابل الاستمرار بسياسة فرض الحصار الاقتصادي، والتعمُّد بإشعال الحرائق هنا أو هناك، عبر الاغتيالات، وارتكاب المزيد من الجرائم، فضلاً عن تعويق أي مسار قانوني وحقوقي تطرحه المنظمات الدولية، بما فيها القرارات الخاصة بتجريم جرائم الكيان الصهيوني في غزة، وفي تنفيذ سياسة الحرب المفتوحة، ومعاقبة الأسرى بأحكام غرائبية.
البحث عن إجراءات رادعة لمنع هذه التوجهات العنصرية، يتطلب مواقف عربية ودولية، سياسية ودبلوماسية، تجد في مرجعيات مجلس الأمن أساساً لها، على مستوى الضغط السياسي، وعلى مستوى وضع المجتمع الدولي والدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، أمام مسؤوياتهم التاريخية والأخلاقية، لمنع الكيان الصهيوني من الاستمرار بسياسة حرق الأرض، وحرق السياسة، ورفض نواياه بتكريس تهويد المشروع السياسي العنصري على الأرض، وهذا ما يُعطي لمؤتمر القمة العربية المقبل أهمية استثنائية، في إيقاف هذه التداعيات، وفي البحث عن حلول ناجعة لمواجهة الغطرسة الصهيونية، ونزوعها نحو الاستمرار في صناعة الحروب والكراهيات وسياسات الفصل العنصري، وانعكاسها على مستقبل القضية الفلسطينية، فضلاً عن العمل الضروري على وضع خطط عاجلة لمنع تنفيذ سياسة التهجير، والتوجه نحو تبنِّي مشروعٍ حقيقي لفتح المعابر التجارية والإغاثية مع قطاع غزة، وتعزيز جهود إعماره، وكذلك دعم سياسات السلطة الفلسطينية في الحدِّ من البطالة، ومن الأزمة الاقتصادية، وكذلك الدعوة إلى دعم دولي لبرامج الاونروا" في الأراضي المحتلة".