إعداد: مرتضى صلاح البناء
مع إطلالة الشهر الكريم، تبرز لدى البعض فكرة أنه غير معتاد على ترك الطعام والشراب لفترة زمنية مؤقتة يومياً، وتتداخل الأفكار مع الأعذار التي تبيح الإفطار، ومن جهة أخرى فإن شريعتنا المقدسة تبين أن هناك فئتين من الناس معذورتين بعدم الصيام، وهما التي تعاني المرض أو كانت في سفر.
ويجب على هذين المعذورين أن يصوما الأيام التي أفطرا فيها من رمضان بعد زوال العذر وتمكنهما من الصيام خلال الشهر نفسه، عدا من كانت أسباب إفطارهم مستمرة كأصحاب الأمراض المزمنة ممن يضرهم الصيام.
أما أولئك الذين لا يتمكنون من الصيام مطلقاً، فيتطلب منهم دفع مبلغ من المال يطلق عليه الفدية عن الصيام وليس عليهم قضاء، مع العلم أن الفدية ليست اضطرارية بمعنى أنه إذا لم يتمكن من دفعها، فله ألا يدفع شيئاً وتعويضها بالاستغفار.
ويشمل الحكم كذلك الحامل والأم المرضعة، لكونهما بمحل المريض، خاصة إن كانت هنالك خشية على النفس أو الجنين أو الرضيع من مشقة الصيام، فإنهما مشمولتان بالآية الشريفة (ففدية من طعام مسكين...) (البقرة- 184) .
مقدار الفدية
حدد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما هو الحال مع معظم الأحكام الإلهية العامة المنصوص عليها في القرآن، رسم الفدية لكل يوم صيام في رمضان، بمقدار المد الذي يحسب ثلاثة أرباع الكيلو من المواد الغذائية الشائعة التي يأكلها عادة سكان البلد كالقمح والتمر والرز وعموم الحبوب، وما إلى ذلك.
تقدم هذه الفدية من الطعام للمحتاجين الذين تحل عليهم وهم المساكين والفقراء، ويتم تحديد سعرها وفقًا لمكان إقامة دافع الفدية.
في الواقع، لا يوجد نص من القرآن أو السنة يدعم الرأي القائل بوجوب دفع رسوم فدية إذا تأخر المرء في صيامه لأكثر من عام، كما لا يوجد نص يفرض صراحة على المسلمين واجب قضاء صيامهم الصحيح على الفور أو في أي إطار زمني محدد مسبقاً. وهذا لا يعني أن قضاء الصوم في رمضان بسرعة أمر غير مرغوب فيه، بل إنه مفضل للغاية.
رأي الفقهاء
إن تبني غالبية العلماء للرأي القائل بوجوب دفع الفدية والإسراع بالقضاء لا يجعله بالضرورة الحكم الشرعي الأفضل. ومع ذلك، فإنه ينصح أن يسرع المرء بقضاء الصوم الفائت لأنه لا أحد يعرف متى يأتي الموت. وقد يفضل المرء دفع الفدية إذا فاته قضاء صيام رمضان، ووصل إلى رمضان العام المقبل باعتباره الموقف الأكثر أماناً أمام الله تعالى.