كتب رئيس التحرير:
المشاهد التي تأتي إلينا من الساحل السوريِّ صادمةٌ في بشاعتها ووحشيّتها، ولا يصلح أيُّ خطابٍ أنْ يكون تبريراً لها، كما لم يعد الإنكار ممكناً أو مستساغاً.
حتى قبل أيّامٍ قلائل كان الأمل كبيراً بقدرة سوريا على تجاوز مرحلة حكم الحزب الواحد بكل آثاره المدمّرة، وتجاوز مدَّة السنوات الاثنتي عشرة الماضية خصوصاً فقد كانتْ تُشكّل تمزّقاً حادّاً في بنية المجتمع السوريِّ بعونٍ من تجبّر السلطة آنذاك والتدخلات الإقليميَّة والدوليَّة على الأراضي السوريَّة.
لكنَّ هذا الأمل يكاد يتلاشى. فعند أول اختبارٍ تبيَّن بشكلٍ واضحٍ أنَّ الأزمة السوريَّة موغلةٌ في العمق ووصلتْ إلى حدِّ التنابذ المجتمعيِّ الذي يُغذيه للأسف الطرف الأقوى سلطةً ونفوذاً وعلاقاتٍ دوليَّة وقدراتٍ عسكريَّة.
غياب الحوار المجتمعيِّ سببٌ رئيسٌ لما يحدث، وسيظلّ انعدام الحوار هو الجرح السريّ الذي ينتج أزماتٍ متلاحقةً ما لم تعمد السلطة الجديدة إلى تلافي ذلك بالشروع في هذا الحوار الصريح الذي أصبح ضرورةً وجوديَّة.
حين قال السيّد عمار الحكيم قبل أيّامٍ ما مؤداه أنَّ السوريين يمكن لهم الاستفادة من التجربة العراقيَّة، ظنَّ كثيرون أنَّ في الأمر مبالغةً، لكنَّ الحقيقة أنَّ ما تمرّ به سوريا منذ سقوط الأسد، هو أقرب ما يكون إلى ما مررنا به نحن. وخلاصة الدرس العراقيِّ الذي يمكن أنْ يترسّمه السوريون هو أنَّ العقليَّة الثأريَّة لا تنتج دولة، وأنَّ استحضار أحقاد الماضي منذرٌ بالخراب، وأنَّ التسامح ليس ترفاً ولا خطاباً شعرياً بل ركن أساس لبناء الدولة.
حفظ الله سوريا، كلّ سوريا وحمى مواطنيها وجمعهم على السلام والوئام.