ثنائي الفرح الغائب عن عالمنا الحزين

الصفحة الاخيرة 2019/07/08
...

سامر المشعل
شكل المطرب وحيد سعد ثنائيا جميلا مع زوجته مي اكرم واللذان ظهرا على سطح الساحة الغنائية في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، كان لقاؤهما الاول من خلال فرقة الموشحات العراقية، التي كانت تقدم الوانا متنوعة من الغناء بالاضافة الى الموشحات.
الفنانة مي اكرم سبقت وحيد في دخول الوسط الفني، اذ بدأت منذ صغرها بتقديم أغاني للاطفال عبر برنامج “ عمو زكي “ وعرفها الجمهور بالعديد من اغاني الاطفال مثل “ يا شمسية “ و “ بغدادية “ و “ السندباد “ وغيرها.. ثم انتقلت الى فرقة الموشحات العراقية لتلتقي بالفنان وحيد، ويرتبطا بشراكة فنية وعائلية.
قدما اول أغنية مشتركة “ دويتو “ ضمن مهرجان قرطاج في تونس أغنية “ ليش يا جارة “ ليتفاجآ بحب وتفاعل الجمهور معهما، حتى اصبح مي ووحيد احدى علامات نجاح الوفد العراقي بهذا المهرجان، هذا شجعهما ليمضيا في تقديم اللون الثنائي، وظلا متلازمين حتى رحيل الفنان وحيد سعد.
اكتسب الثنائي مي ووحيد نجومية كبيرة وأحبهما الجمهور منذ الظهور الاول لاغنية “ ليش ياجارة “ على شاشة التلفزيون، وهي من كلمات الفنان الراحل عارف محسن، والحان الدكتور هيثم شعوبي. لكن احدى الصحف هاجمت الاغنية، وكتبت عن الاغنية بسلبية، بان الاغنية فيها دعوى بان الجار يشاكس 
جارته.
ما جعلهما يعيدان تصوير الاغنية من جديد بحيث تكلل هذه العلاقة بالزواج، التي تظهر في آخر الفيديو كليب، ليردا على هذا الصحفي بأن العلاقة اذا بنيت على نوايا صادقة وبريئة فهي تنتهي بالزواج.
وعندما زرت الثنائي مي ووحيد الى منزلهما قبل عشرين سنة، كان الفنان وحيد يتندر بان هذه الاغنية جعلتهما يلتقطان صورة لعرسهما ويعلقانها في وسط البيت اذ لم تكن لهما صورة تذكارية لزواجهما. وكان الفنان وحيد يتمتع بثقافة موسيقية واسعة وبذوق موسيقي عالٍ، وتأثر في بداية حياته بالفنان فريد الاطرش ومن شدة عشقه بالاطرش، ابدل اسمه من كاظم الى وحيد، وهو الاسم الذي دائما يستخدمه فريد الاطرش في افلامه. وكان وحيد يجيد لون فريد بالغناء اجادة تامة، ومن الاغاني التي قدمها الثنائي مي ووحيد هي أغنية “ ياعواذل فلفلوا “ لفريد الاطرش، وادخلا ايقاع الخشابة على هذه الاغنية، بطريقة جميلة ومبتكرة.
وقد ركزا لون الثنائي الغنائي المعروف بالدويتو ولعل مي ووحيد اكثر ثنائي اكتسب شهرة واسعة في الاوساط الشعبية واستمرا على مدى ثلاثة عقود من الزمن، جمعهما الفن والشراكة الاسرية.. وكانت اغانيهم تتسم بالايقاع الخفيف والحركات المعبرة والغزل الجميل.. اغان راقصة تنث الفرح والانشراح، وكانت العوائل العراقية بجميع شرائحها ينشدون للشاشة ولغناء وحركات مي ووحيد وهم في قمة النشوة والاستمتاع.. اذ كانت اغانيهم اشبه برذاذ الفرح المتطاير بين ركام الحزن واللآهات العراقية.. فكان هذا الثنائي ينشر لغة السعادة والامل والتفاؤل في سماء الحياة العراقية بخفة دم وتلقائية.
وبرحيل وحيد سعد يكون عقد هذا الثنائي الجميل قد انفرط بآسى موشح بالحداد مع انثيالات الذاكرة بالصور والاغاني التي ستظل عالقة بالذاكرة مثل “ ياسائق السيارة “ و اغنية “ ليش ياجارة “ واغنية “ اشاعة “ واغنية “ ياعواذل “ وغيرها من الاغاني. 
بعد هذه الرحلة الطويلة من الفن وتقديم كل ما هو جميل ومنعش للذاكرة الجمعية، من يتذكر الفنانة مي اكرم ؟، وقد زحفت اخاديد الشيخوخة على محياها، تعيش الوحشة بعد ان غادرها الفرح وشريك العمر ومؤنس لياليها العامرة بالفرح والاغاني، تعاني ظنك العيش في ايامها الاخيرة.
نلفت عناية وزارة الثقافة ودائرة الفنون الموسيقية، ان تلتفت الى الفنانة مي اكرم، وان تسعى للاحتفاء بها تقديرا لمسيرتها الفنية، باقامة مهرجان فني تقدم من خلاله اغانيها مع الفنان الراحل وحيد سعد.