غيث الربيعي
يشير علماء الفقه إلى أن أي عمل عبادي لا يتقوم ولا يصح دون نية تسبق العمل، والنية هي قصد الشيء، فتنقسم العبادات فقهياً وفق النية على قسمين: عبادات وجودية، وعبادات عدمية.
فالعبادات الوجودية هي تلك العبادات التي يتعلق القصد بها بالإرادة والاختيار، كالصلاة، فلا بد أن يكون الامتثال للصلاة عن قصد واختيار وإرادة، وتكون جميع أجزاء العمل (الصلاة مثلاً) صادرة عن النية، والنية فيها تسمى نية فعلية.
أما العبادات العدمية فهي التي يكفي فيها عدم ارتكاب فعل معين، كالصيام، وهو ترك المفطرات وإن كان الشخص عاجزاً عن تركها، والنية فيه تسمى النية الشأنية أو الفاعلية، ومعناها لا يجب أن تكون النية دائمة الحضور عند الترك، كنية النائم ساعة الصيام. فالنائم كان قد نوى الصيام وأمسك عن المفطرات ثم نام، ففي حال نومه يعد عمله عبادة عدمية ونيته نية شأنية.
والصوم كغيره من العبادات المقصود فيها قصد القربة لله تعالى، فلا بد أن تتقدمه النية وهي العزم على ترك المفطرات أثناء النهار. يقول المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) في رسالته العملية في المسألة الأولى من كتاب الصيام: يعتبر في الصوم – الذي هو من العبادات الشرعية – العزم عليه على نحو ينطبق عليه عنوان الطاعة والخضوع لله تعالى، ويكفي كون العزم عن داعٍ إلهي، وبقاؤه في النفس ولو ارتكازاً.
ويعني المرجع بمصطلح الارتكاز بعدم التفصيل، بمعنى أن المكلف لو سئل لأجاب بأنه صائم، يعني أن النية موجودة في اللاشعور وقد غفل المكلف عنها، لكنه يتذكرها بمجرد ذهاب الغفلة، كمن نوى الصيام قبل الفجر ونام ثم استيقظ بعد الفجر، فهنا تعد نيته ارتكازية.
ويختلف وقت نية الصوم باختلاف نوعه، فالصوم ينقسم على ثلاثة أقسام: الصوم الواجب المعين، وهو صوم شهر رمضان والنذر وأخويه، ويكون وقت النية فيه عند طلوع الفجر أو قبله.
والنوع الثاني هو الصوم الواجب غير المعين ويتمثل بقضاء شهر رمضان أو صيام الكفارة ونحوها، ويمتد وقت النية في هذا النوع إلى الزوال أو ما قبله. أما النوع الثالث والأخير فهو الصوم المندوب (المستحب) فيمتد وقت نيته إلى أن يبقى من النهار ما يقترن فيه الصوم بالنية، إي إلى ما قبل الإفطار، فإذا حل وقت الإفطار لا تجوز النية ويبطل الصوم.