القطاع النفطي وسوق العمل

اقتصادية 2025/03/13
...

محمد شريف أبو ميسم



يؤكد البنك الدولي في تقريره للعام 2024 ، أن نحو مليون شخص سيدخل إلى سوق العمل سنوياً في العراق، وأن نحو واحد بالمئة فقط من إجمالي القوة العاملة في العراق يعملون في قطاع النفط أو الصناعات المرتبطة به، علماً أن هذا القطاع يساهم في أكثر من 55 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي، ويمثل 92 بالمئة من إيرادات الحكومة ، ونحو 96 بالمئة من إجمالي صادرات العراق. 

وفي أحدث تقرير لمجلس الأعمال العراقي البريطاني IBBC ، فإن “العراق إذا ما أراد معالجة الترهل في سوق العمل وخلق المزيد من الوظائف، فليس له سوى توسيع القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديد وتقليل الاعتماد على العوائد النفطية في ظل احتمالات انخفاض أسعار النفط” مع مجيء الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” الذي وضع في أولوياته تطوير عمليات الاستخراج في النفط الصخري وزيادة التنقيب عن النفط في مناطق عديدة من الولايات المتحدة، للحد من ارتفاع الأسعار .  

ويطرح التقرير سؤالاً مفاده: كيف يمكن للعراق إيجاد بيئة مناسبة لمثل هذا التوسع في القطاع الخاص في ظل انخفاض أسعار النفط؟ ثم يضع مقاربات لدراسة توسيع القطاع الخاص ودعم بيئة الأعمال، وهي في الغالب مقاربات تكررت على مدار سنوات، وقدمت في دراسات وأوراق عمل عديدة في المؤتمرات الاقتصادية والندوات القطاعية، وكانت وما زالت أنظارنا وأسماعنا تترصد وضع مخرجاتها موضع التنفيذ.

بيد أن اللافت، عدم عناية واضع التقرير بالقطاع النفطي حيال معالجات سوق العمل، ومن المعروف أن الصناعات النفطية ، تتوزع على محاور تتضمن الاستكشاف والاستخراج والنقل والتخزين والتكرير والبيع، وفي كل مرحلة من هذه المراحل ثمة حلقات وعمليات تكميلية وساندة، قبل وبعد عمليات تكرير النفط ومعالجة وتنقية الغاز الطبيعي ، فيما تتعدد أشكال المنتجات النفطية بين الغاز الطبيعي، والغاز المسال، والبنزين، ووقود الطائرات والديزل، والكيروسين وزيت التدفئة، وزيت الوقود وزيوت التشحيم، والشمع والاسفلت، والبتروكيماويات الأخرى، التي تتعدد وتصل إلى مئات المنتجات التي تتضمن إنتاج البلاستك البوليمر والراتنجات والمواد الكيمياوية المستخرجة بما فيها إنتاج الإثيلين والبروبيلين والمركبات العطرية، فضلاً عن إنتاج مواد التنظيف، والرزين الذي يدخل في الصناعات الإنشائية، وزيوت التشحيم، والمئات من المنتجات التحويلية الأخرى، ولكل من هذه المنتجات ، مدخلات وعمليات ومخرجات لا تتم إلا بأعمال ساندة تحتاج إلى المزيد من الأيدي العاملة الماهرة وغير الماهرة.

ويمكن تحويل جزء كبير من إنتاج العراق النفطي للاستهلاك المحلي في حال إقامة المشاريع البتروكيمياوية والمشاريع التحويلية والصناعية الساندة لها، أو التي ترتكز عليها في استهلاك المخرجات، وهذا ما تضمنته الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي أعلنت عنها هيئة المستشارين في مجلس الوزراء في العام 2013 ، ليكون العمل بها متكاملاً بحلول العام 2030 والتي قيل في حينها، إنها ستضع البلاد بمصاف الدول الصناعية الكبرى، ولكن الحديث توقف عن هذه الاستراتيجية التي وعدت بإنتاج المزيد من النفط للاستهلاك المحلي، وبمزيد من فرص العمل، آملين إعادة النظر بمفرداتها ووضعها موضع التنفيذ.