صدر للمختص بالشأن المصرفي سمير النصيري كتاب حمل عنوان “ضوء في آخر النفق...رؤى ودراسات مصرفية واقتصادية”، تضمن الكتاب أربعة فصول و60 مبحثاً وبعدد 204 صفحات مع ملحق بالوثائق و12 جدولاً إحصائياً.
وذكر المؤلف في كتابه ان التحولات والاحداث التاريخية التي شهدها العراق، ما زالت مخاضاتها قائمة، لم ترسُ بعد على قواعدها الثابتة والمستقرة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً وأمنياً، لذلك فالحاجة قائمة وملّحة لتصويب الواقع والاخذ به الى المسارات الصحيحة التي تؤمّن فرص الاستقرار والتقدم والازدهار.
ويرسم النصيري في كتابه خريطة طريق تنسجم مع فلسفة الدولة الحديثة، الفلسفة التي رسم ملامحها دستور العراق الجديد.
كانت هناك فرصة تاريخية لتحول الحكومة من حكومة تهيمن على جميع النشاطات، الى حكومة تخطيط وتنسيق وإشراف، حكومة لا تمارس الجدف، بل تتولى القيادة والتوجيه، وفتح الابواب أمام القطاع الخاص ليأخذ دوره للنهوض بالقطاعات الانتاجية والخدمية، فنموذج الحكومة الحديث هو شراء او ايجار الخدمة.
مما يؤسف له ان الحكومة ظلت تمارس ادوارها التقليدية الموروثة وتوسعت وترهلت اجهزتها بالصورة التي ابتلعت الجزء الاعظم من موارد الدولة، ما لا يترك للحكومة امكانيات النهوض والبناء وسد الفجوات والنقص الهائل في البنى التحتية والخدمات، وفي الوقت نفسه لم تمكّن القطاع الخاص من أخذ دوره للقيام بذلك.
ان طبيعة نفقات الحكومة عمّقت تأخر النهوض بالقطاع الحقيقي من صناعة وزراعة وسياحة وغيرها، حيث أدت الى تعزيز النزعة الاستهلاكية في ظل فوضى الاستيرادات وسياسات الاغراق التي مارستها الدول المصدرة، وأصبح العراق سوقاً كبيرة من أقصاه الى أقصاه، أي ان الموارد النفطية التي هي أساس موارد الدولة صارت تذهب الى بناء اقتصادات الدول المصدرة.
الكتاب يمثل دعوة ملحة لتغيير السياسات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والقانونية والتنظيمية باتجاه تنويع مصادر الموازنة العامة للدولة وتحفيز القطاع الحقيقي بما يخلق تنمية مستدامة نحو تفعيل للموارد الطبيعية والبشرية المعطّلة .
وتناول الكتاب بشكل مفصل ركناً أساسياً من أركان السياسة الاقتصادية وهو السياسة النقدية ودور البنك المركزي العراقي خلال سنوات التحدي بعد الاحتلال الداعشي لمناطق شاسعة، وصدمة تدني أسعار النفط .
لقد واكب الكاتب تلك السنوات ورصد الدور الذي لعبه البنك المركزي في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، والتحولات الجذرية التي شهدها البنك المركزي والارتقاء بدوره محلياً ودولياً . ويبقى القطاع المصرفي محل تركيز واهتمام الكاتب باعتباره عجلة الاقتصاد ، وتعمّق في كل ظواهره وظروفه وتحدياته وسبل النهوض به ، وهو بذلك يضع خارطة طريق لهذا القطاع تتفق تماماً مع خطط وتوجهات البنك المركزي للنهوض بهذا القطاع المهم .
اتسمت كتابات النصيري بأنها توقد شموعاً في ظلام التحديات الكبيرة التي يواجهها بلدنا وهو يتلمس طريقه الى الاستقرار و الازدهار .
إنه وبعين بصيرة ووعي مسؤول يقرأ الواقع دون فصله عن ظروفه التاريخية والحاضرة، فتأتي رؤاه موضوعية، صميمية وواقعية ، حيث تقترب وتلامس مجساته لشرايين الاقتصاد وأوردته .
تجدر الاشارة الى أنه سبق أن صدرت للنصيري ستة كتب تبحث في منهجية الإصلاح الاقتصادي والمصرفي ورؤيته لتحقيق الإصلاح الاقتصادي الشامل والجذري في العراق، والكتاب الموسوم “ضوء في آخر النفق” هو الكتاب السابع.