المصمم سيف العبيدي: أبحثُ عن دعمٍ لمشروع متحفٍ وطنيٍ للأزياء التراثيَّة

استراحة 2025/03/17
...

 عواطف مدلول 


نجح سيف العبيدي في صناعة بصمة خاصة به تميزه عن اقرانه من المصممين في العراق، فأصبح اسمه علامة بارزة في عالم الأزياء عربيا وعالميا ليس فقط محليا، فقد جمع في اغلب اعماله بين الحداثة والتراث العراقي القديم اعتزازا بحضارة بلده العريقة، ذلك ما دفع بالكثير من المهتمين بالموضة على تفضيل انتقاء قطعه الممزوجة برموز الوطن وملامحه الخالدة، وفي مشروع اختيار بغداد عاصمة السياحة العربية لعام 2025 كان له دورٌ بالمشاركة بعدد من التصاميم في العروض، التي قدمتها الدار العراقية للأزياء.

في لقاء خاص لـ"الصباح" مع العبيدي أكد أنه يعمل وبشكل دائم على تشجيع تراث البلد بصفته مصمما في الدار العراقية للأزياء، قائلا: كما هو معروف فان شغلنا يتمحور حول الحضارة العراقية، وكل ما يتعلق بها من أزياء كالعباءات والبشتات والهاشميات والحقب الاسلامية المختلفة التي لها صلة بتاريخنا، مضيفا: دوري نشط بهذا المجال، اذ حتى العروض التي أقدمها هدفها أحياء الهوية العراقية، حيث اعتبر نفسي مسؤولا على ابراز ثقافة بلدي في كل مكان. 

وعن نجاحه بالجمع بين الماضي والحاضر في اعماله أوضح: بعد دراستي خارج العراق في مجال تصميم الأزياء وعملي بدور أزياء ومعامل وشركات عالمية كثيرة هناك، تأثرت بالحداثة بشكل كبير ولما رجعت للعراق وعملت في الدار العراقية للأزياء، حاولت صنع هذا {المكس} المميز في التصاميم الحديثة، بقصات والوان وخامات مودرن أدخلت معها اللمسة التراثية العراقية، بعدها صارت ثيمة خاصة بي كمصمم، فالفستان الذي أنجزه بالإمكان ارتداؤه بمختلف المناسبات.

اشار العبيدي إلى أنه باجتهاده الشخصي استطاع تطوير نفسه وعلاقاته ومهاراته، ليصل لما هو عليه الان: رغم اعتباري مصمم دولة، كوني أعمل بالدار العراقية للأزياء كمصمم ومشاركتي بالعديد من العروض، وكموظف في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، لكن مع الأسف لم أجد كثيرا من الدعم الذي أتمناه، والدليل ما زالت تقام كثير من المهرجانات خارج العراق، لا يرشح فيها المصمم حتى يمثل بلده، لذلك نحن غائبون عن اسابيع الموضة، التي اقيمت في بيروت أو في دبي وغيرها، وأتحدث هنا على مستوى الدول العربية لأننا لم نطمح بالمشاركة بالدول الاوربية، رغم كوننا نستطيع المنافسة فيها بالطاقات والقدرات التي نملكها، لذا لا مشاركة فردية ولا حتى فكرة بعث مجموعة من المصممين لتطوير انفسهم بهذا المجال، وبالنسبة لي اقوم بدعم نفسي من خلال ما اقدمه من عروض أزياء داخل البلد وكذلك خارجه عربيا وعالميا. 

وبخصوص إقبال الناس على نوعية تلك الأزياء في الآونة الأخيرة، علل بأنها باتت تجذب الجمهور إليها كثيرا، لا سيما بعد انتشار الوعي الفني لديه، حيث لم يعد كالسابق، وأخذت تشده اللمسة العراقية في الزي لذا عملت على انجاز ازياء الرجالي إلى جانب النسائي، دمجت بها تفاصيل تراثية ولم اختص بالأزياء النسائية فقط، كي أدفع شبابنا لحب أزيائهم لا سيما بعد مشاهدتي للعديد من الحالات السلبية بحفلات التخرج ومناسبات عقد الزواج والحنة، حيث تغيرت الأذواق وانتشر لبس الزي الهندي والدشداشة القطرية والزي التركي، فصرت أنزل ازياء مختلفة عملت لها جلسات تصور بروحية الكبلز شباب وبنات، وروجت لها حتى تمكنت من تسويقها عربيا وعالميا، بحيث صارت تأتيني طلبات و"اوردرات" من هولندا واستراليا وأمريكا أو النرويج وغيرها من البلدان.

إضافة إلى المشاركات كمصمم معتمد في منظمة ملكة جمال العراق، إذ إن كل ملكات الجمال اهتميت بإطلالتهن كذلك الوصيفات، واذكر منهن ملكة جمال العراق ماريا فرهاد، لما شاركت بمسابقة ملكة جمال العالم، لبستها فستانا يحمل ثيمة الثور المجنح والفستان فاز الثالث على العالم على 130 دولة، وأعدُّ ذلك إنجازا رغم قلة امكاناتنا، لكن حققت فستانا فيه فكرة عراقية، تبين حضارة بلدنا ما تعرض له في تلك الحقبة، وايضا مؤخرا ملكة جمال العراق في سنة 2024 بلسم حسين، خلال مشاركتها بمسابقة ملكة جمال العالم التي حصلت في الهند، ظهرت بفستان بوابة عشتار ولاقى استحسانا واسعا وتناقلته الكثير من مواقع السوشيال ميديا والفضائيات العربية والعالمية.

وعن أهم ما تنفرد به أزياء سيف العبيدي، لفت إلى أنه يحرص فيها على مراعاة طبيعة المرأة العراقية أولا، ويهمني جدا أن ازيائي تلبسها كل نسائنا، بحيث تجد السيدة العراقية نفسها بأزيائي من ناحية الحشمة والخامة التي استخدمها، والقصة المناسبة التي تخفي عيوب المرأة، وكذلك تظهر جماليتها واناقتها بلبس ذي روحية بسيطة، لذا تجدون زبوناتي من مختلف طبقات المجتمع، سواء من المشاهير أو الناس العاديين، على مستوى سيدات أعمال، محاميات، طبيبات، فنانات، اعلاميات، كذلك شخصيات من خارج البلد، ويشرفني ارتداء الفنانة الهام شاهين للزي الهاشمي العراقي مؤخرا في افتتاح المتحف المصري، فهو من أعمالي، لكن بأسلوب حديث، كذلك الفنانة منى واصف من السيدات العظيمات، فقد لبست ثلاث اطلالات من تصميمي بمناسبات مختلفة، فضلا عن الفنانة السورية سوزان نجم الدين وغيرها من الشخصيات المهمة، إلى جانب فنانات بلدي النجمات الكبيرات سها سالم وشذى سالم وهديل كامل وهند كامل وفاطمة الربيعي وآسيا كمال وغيرهن، وذلك ميزني كمصمم اليوم وجعل أزيائي ليست محلية فقط، فهي تُطلب عربيا وعالميا، فأضحت بمثابة جواز مرور لي، فأنا لا أتبع قصات وخطوط الموضة العالمية بقدر ما أتبع اللاين الذي يميز المرأة العربية والعراقية على وجه الخصوص. اختتم العبيدي حديثه بمشاريعه المقبلة، اذ إنه يعكف حاليا على تحضير تصاميم لفكرة جديدة، تتركز حول اقامة متحف خاص للأزياء التاريخية والتراثية: لأننا نفتقر لمثل هكذا مشروع ابحث عن دعم حكومي له، ومن خلالكم اناشد وادعو لمساندتي بإنجاز متحف وطني ممكن أن يزوره كم هائل من السياح، يعرّف الاجيال الحالية والمقبلة بتاريخ أجدادنا بهذا المجال، ماذا كانوا يلبسون من إكسسوارات وألوان ومراحل تطور الازياء لدينا، فنحن أول من ابتكر الخامات والنقشات والزخارف على الاقمشة في حضاراتنا القديمة.