تتضارب الحكايات حول نشوء عادة إطلاق المدفع عند الإفطار والإمساك. فهناك من يردها إلى عام 859هـ عندما كان الأمير خشقدم يتولى حكم مصر، وأهدي إليه مدفع جديد وشاء تجربته. وصادفت التجربة وقت الإفطار، فظن الناس أنها إيذان لهم بذلك. ولما رأى السلطان سرورهم قرر اعتمادها عادة يومية، وزاد على طلقة الإفطار طلقة أخرى للإمساك.
وهناك من يرد الحكاية نفسها تقريباً إلى عهد محمد علي باشا في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي. ولكن المؤكد خلال الحملة المصرية على بيروت في مطلع القرن التاسع عشر، أن إبراهيم باشا أمر بوضع مدفعا وخصص له جندياً لإطلاق طلقة عند وقت الإفطار ووقت الإمساك، فضلا عن أوقات الصلاة الخمسة، وكذلك إطلاقه أيام عيدي الفطر والأضحى. بينما عشية العيد، فكان المدفع يطلق 21 طلقة إعلاناً لرؤية هلال شهر
شوال.
وانتشرت فكرة المدفع في معظم مدن العالم الإسلامي، بيد ان النصف الثاني من القرن العشرين لم تجد رواجا في الكثير من هذه المدن، ففي القاهرة مثلاً حيث نشأ هذا التقليد، توقَّف إطلاق المدفع سنوات عديدة في الستينيات والسبعينيات لأسباب أمنية.
وفي عام 1981 صدر قرار عن وزارة الداخلية المصرية يقضي بإطلاق مدفع الإفطار من مكانه القديم في قلعة صلاح الدين الأثرية. غير أن الهيئة العامة للآثار اعترضت على ذلك بدعوى أن الطلقات المستمرة تؤدي إلى إحداث اهتزاز عنيف في أساس القلعة وجدرانها، فأمرت الوزارة بنقل مدفعين من المدافع الثلاثة إلى أحد المرتفعات القريبة من المكان، وأبقت الثالث أمام القلعة
للذكرى.
اما في العراق كان مدفع شهر رمضان ينتصب في جانب الرصافة على نهر دجلة حتى عام 2003، في المنطقة الواقعة بين جسري السنك والجمهورية. وكانت وزارة الدفاع تكلف رعيلا من فصيل المدفعية بتنفيذ إطلاقة الفطور، التي تستخدم فيها قذيفة خلب (صوتية).
وكان الرعيل المدفعي ينصب خيمة ليبقى مقيما إلى جانب المدفع
بشكل مستمر على مدى أيام الشهر.
ووصل تقليد مدفع شهر رمضان إلى العراق نهاية القرن التاسع عشر، لكنه توقف بعد عام 2003، بسبب الوضع الأمني في البلاد، كما أن وجود عدد كبير من الفضائيات ومكبرات الصوت في الجوامع، قضت بأن المدفع لم يعد ضروريا للإعلان عن موعد
الإفطار .