مارك تاونسيند
ترجمة: مي اسماعيل
تصاعدت النداءات للسيطرة على الاستخدام العسكري للطائرات المُسيّرة والتي؛ رغم الادعاء بدقة إصابتها للهدف؛ باتت تحصد أرواح المدنيين. قُتِلَ نحو ألف مدني وجُرِحَ مئاتٌ آخرون نتيجة هجمات للطائرات المسيرة عبر أفريقيا؛ إذ يستمر انتشار الطائرات بدون طيار دون رادع؛ كما جاء مؤخرا في تقرير. جرى على الأقل توكيد وقوع خمسين هجوما مميتا من قوات مسلحة أفريقية خلال السنوات الثلاث التي سبقت تشرين الثاني 2024؛ بما يصفه المحللون بأنه.. "نمط مروّع لإيذاء المدنيين"؛ مع مساءلة قليلة أو معدومة..
ترى "كورا موريس" من حملة "حروب الطائرات المسيرة" البريطانية، رغم أن التزايد السريع لاستخدام الطائرات المسيرة من قبل روسيا وأوكرانيا يواجه تمحيصا ملحوظا؛ لا يُوجّه الا تركيز ضئيل على الاستخدام المتزايد عبر أفريقيا لنوع جديد من الطائرات المسيرة الرخيصة المستوردة؛ مثل طائرة "بيرقدار TB2" التركية. نشرت الحملة مؤخرا تقريرا عن تنامي استخدام الطائرات المسيرة المسلحة في أفريقيا تحت عنوان: "موت بالتوصيل"، وعنه تقول موريس: "هذا يجب أن يتغير، وما لم يتحرك المجتمع الدولي سريعا لتطوير وتنفيذ نظام سيطرة جديد؛ فسنرى على الأرجح المزيد من أمثلة قتل المدنيين نتيجة استخدام الطائرات المسيرة المسلحة".
انتشار متزايد
جرى حتى الآن توكيد استخدام الطائرات المسيرة المسلحة خلال ستة نزاعات على الأقل بأفريقيا، هي: السودان والصومال ونيجيريا ومالي وبوركينا فاسو وأثيوبيا؛ وقد تمت متابعة أغلب هجمات تلك المناطق. وظهر أن هجمات القوات الأثيوبية ضد خصومٍ مثل "جبهة تحرير شعب تيغراي" قتلت نحو 490 مدنيا خلال 26 هجمة منفصلة. ومات نحو 64 مدنيا نتيجة تسع هجمات منفصلة بالطائرات المسيرة نفذتها القوات المسلحة لجمهورية مالي أثناء مواجهة جماعاتٍ انفصالية شمال البلد. وشهدت بوركينا فاسو المجاورة مقتل نحو مئة مدني بحسب الباحثين نتيجة لهجمات المسيرات التابعة لجيش الدولة. وجاء ضمن تقرير حملة "حروب الطائرات المسيرة" البريطانية أن عدم السيطرة على إنتشار استخدام المسيرات المسلحة بأفريقيا قاد لمصرع نحو 940 مدنيا منذ تشرين الثاني 2021؛ وهو رقم يصفه بأنه "متحفظ".
تستورد أفريقيا أغلب المسيرات المسلحة من تركيا، إضافة إلى الصين وايران، بينما يقرع الباحثون جرس الانذار حول تزايد شعبية المسيرات.. المعروفة بأنها "متوسطة الارتفاع وعالية التحمّل" (يشار إليها بإختصار MALE). تلك الطائرات يمكن التحكم بطيرانها عن بعد لعدة ساعات وعلى مسافة كبيرة، لتقوم بعمليات مراقبة وضربات جوية.
هجمات مروّعة
شهد العالم مخاطر تزايد استخدام المسيرات خلال الحرب الأهلية بالسودان؛ إذ جرى استخدامها تجاه مناطق عالية الكثافة السكانية، مثل أسواق العاصمة الخرطوم؛ مما كان له تبعات "وخيمة" على المدنيين. ويذكر التقرير أن الجيش السوداني استخدم طائرات مسيرة ايرانية وصينية وتركية، بينما استخدم عدوه "قوات الدعم السريع" طائرات مسيرة زودته بها دولة الامارات.
أما بوركينا فاسو فقد استخدمت قواتها طائرات "بيرقدار TB2" عند صراعها ضد جماعات داعش المسلحة. وتحتفي وسائل الاعلام الرسمية بانتظام بـــ"تحييد" الارهابيين باستخدام ما تصفه بتقنيات الطائرات المسيرة الدقيقة والمتطورة. لكن مصادر على الارض غالباً ما تُقدم رواية مختلفة؛ مشيرة إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين. وشهدت احدى الحوادث بمنطقة الساحل خلال آب 2023 هجوما بالطائرات المسيرة على سوق بقرية "بورو-Bouro"، ليخلّف نحو 28 قتيلا مدنيا على الاقل. يمضي التقرير قائلا: "يستند احتفال حكومة بوركينافاسو الشامل بضربات مثل التي جرى توجيهها على سوق بورو إلى تصور ينظر إلى حرب الطائرات المسيرة باعتبارها تطورا فعالا ومتقدما ضمن العمليات العسكرية التي يخوضها البلد؛ وتشير إلى وجود ترسانة متطورة تقنيا تديرها حكومة يقظة وفعالة، ذات قبضة قوية على أراضيها. لكن الابحاث التي تجري على الأرض سرعان ما تُظهر زيف تلك الصورة؛ إذ تفضح تفجيرات عشوائية لمجتمعات بريئة؛ مما يزرع بذور المزيد من الدمار وانعدام الأمن".
صحيفة الغارديان البريطانية