وسائل التواصل الاجتماعي تُعيد تشكيل المشهد الدرامي

ريبورتاج 2025/03/20
...

   بغداد: غيداء البياتي

مع حلول شهر رمضان، تتسابق القنوات العربية لعرض إنتاجات درامية متنوعة، ما يجعل من الصعب على المشاهد متابعة جميع الأعمال المعروضة، رغم أن هذا الشهر يفترض أن يكون مخصصا للعبادة والتأمل. ومع ذلك، تظل مشاهدة التلفزيون عادة راسخة، حيث تجتمع الأسر حول الشاشة في أجواء اجتماعية تعزز الألفة والتواصل بين أفراد الأسرة.

في ظل هذا الزخم، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي عاملاً مؤثرًا في تحديد شعبية الأعمال الفنية. في هذا السياق، تحدث علي الخزاعي (متقاعد) عن تجربته الشخصية في متابعة الأعمال الدرامية خلال الشهر الكريم، موضحاً لـ"الصباح" أن وفرة الإنتاج تجعل من الصعب اختيار المسلسلات التي تستحق المتابعة، ولذلك اعتمد على ما يُنشر من مقاطع ومراجعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاختيار الأعمال الجديرة بالاهتمام. وقال الخزاعي: "القنوات كثيرة والأعمال الفنية مكتظة، ولأن الجمهور العراقي متذوق للفن خاصة الدراما والكوميديا، فقد اعتمدت على ما ينشره الزملاء وغيرهم من مقاطع لبعض المسلسلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ وقراءة التعليقات وعدد المشاهدات والاعجابات، بعدها أتابع ما أقتنع به".

من جانبها، هاجمت منى أحمد (44 عامًا) عبر حسابها على "انستغرام" الأخطاء التاريخية والفنية التي تضمنها مسلسل "معاوية"، مستشهدة بقصص وروايات من كتب تاريخية مختلفة عن الشخصية المقصودة في تلك الحقبة. وقالت: "عرض هذا المسلسل نوع من إثارة الطائفية"، مشيرة إلى أن نشرها لمقطع "ريلز" من المسلسل ساعد في لفت الأنظار إليه، حيث سجل المقطع عددًا كبيرًا من الاعجابات والمشاركات. وأضافت منى: "ما يعرضه الجمهور عبر الإنترنت من مقاطع لبرنامج معين أو مسلسل يؤثر في كثرة متابعيه على شاشة التلفزيون".

على الرغم من تصدر بعض البرامج الكوميدية والترفيهية "الترند" العام الماضي، إلا أن هذه الأعمال لم تحظَ بنسبة مشاهدة عالية هذا العام. الصحفي رحيم الشمري أشار إلى أن السبب يعود إلى غياب الترويج الفعّال عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث قال: "ما يروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي لجميع القضايا، وليس الأعمال الفنية فقط، يعد إعلانًا ربما يؤثر في المتابعين أو لا. لكن في الحالتين، النشر عبر مواقع التواصل يلفت الأنظار وبالتالي يزيد المتابعة بعد الإعجاب". وأضاف: "أغلب الفئات العمرية لديها أجهزة لوحية وموبايلات، يمكن استغلالها لمعرفة أحداث مسلسل معين، ومتابعة نسب المشاهدة، وجذب الجمهور، وأداء الفنان، والسيناريو الجيد الذي يقدم حبكة درامية مشوقة".

من جانب آخر، أكد الكاتب والمخرج التلفزيوني د. علي حنون لـ"الصباح" أن مروجي مقاطع "الريلز" على مواقع التواصل الاجتماعي هم أكثر فاعلية من صناع العمل في تسويق الإنتاجات. وأوضح: "المشاهد يكون أكثر ثقة بما ينشره متابع آخر لمقطع معين من العمل الفني، لأن صانع المسلسل أو البرنامج إذا أراد أن يسوق لعمله، فهو ملزم بأن يظهره بشكل جميل ويضفي عليه مزايا لتحسينه". وأضاف حنون: "نسبة 60 إلى 70 بالمئة من الجمهور يشاهدون الأعمال الرمضانية على شاشات العرض الكبيرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وبالتالي، وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت فعالة أكثر في زيادة نسب المشاهدة مقارنة بالإعلانات التلفزيونية 

التقليدية". وفي السياق ذاته، بيّن المخرج التلفزيوني والباحث في علم النفس رفيق حنا، أن الانتشار الواسع عبر منصات التواصل الاجتماعي لا يعني بالضرورة نجاح العمل الفني. وقال حنا: "الترند الذي يحصل لمقطع معين على السوشيال ميديا لا يعكس دائمًا جودة أو قيمة العمل الفني، لأنه بدون رقابة وتدقيق من قبل متخصصين. والتسويق في العصر الحديث لا يعتمد فقط على الانتشار العشوائي، بل يحتاج إلى استراتيجية محكمة من قبل صناع الدراما". وأضاف: "النجاح لا يُقاس بعدد المشاهدات فحسب، بل بما يتركه العمل من تأثير فكري ونقدي لدى المشاهد".