طالبات في شباك الابتزاز الإلكتروني

اسرة ومجتمع 2025/03/23
...

  بغداد: إسراء السامرائي


لم تعد ساحات المدارس مكانًا يتلقى فيه الطلبة علومهم فقط، بل باتت أيضًا ساحة لمعركة رقمية غير متكافئة، تدور رحاها في الظل، بين طالبات مراهقات ومجهولين يختبئون خلف شاشات الهواتف وأسماء مستعارة. إنها حرب الابتزاز الإلكتروني، التي تستهدف الفتيات تحديدًا، مستغلة نقص الوعي الرقمي، وضعف الرقابة الأسرية، وسهولة الوصول إلى البيانات الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

في مواجهة هذا الخطر المتنامي، أطلقت وزارة التربية، بالتعاون مع جهاز الأمن الوطني والشرطة المجتمعية، حملة لمكافحة هذه الظاهرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الإجراءات كافية لردع المبتزين؟.


شبح يهدد الفتيات

في عالم الإنترنت، لا تحتاج الجريمة إلى سلاح أو مكان، بل إلى رسالة خاطئة، أو صورة مسروقة، أو ثغرة أمنية بسيطة. هذا ما يؤكده حيدر الساكني، المشرف التربوي الإداري، الذي يرى أن الابتزاز الإلكتروني أصبح كابوسًا حقيقيًا يطارد الفتيات في سن المراهقة، بسبب قلة الوعي بطرق الحماية الرقمية. يقول الساكني لـ»الصباح» : «نحن أمام ظاهرة تنمو بشكل مقلق، بسبب غياب الرقابة الأسرية، وسوء استخدام الفتيات لمواقع التواصل الاجتماعي. فالمبتزون اليوم لا يحتاجون سوى لحظة غفلة من الضحية حتى يحولوها إلى رهينة خوف وتهديد.»

وحسب تصريحات رسمية، فإن نسبة كبيرة من الفتيات اللواتي تعرضن للابتزاز لم يبلغن الجهات المختصة خوفًا من الفضيحة، وهو ما يجعل المبتزين أكثر جرأة واستمرارًا في جرائمهم.


جهود وزارة التربية

المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية، كريم السيد، كشف في حديث خاص لـ»الصباح» عن خطة الوزارة لرفع مستوى الوعي الرقمي لدى الطالبات، عبر حملات تثقيفية تشمل ورش عمل ومحاضرات تقدمها فرق متخصصة من رجال الأمن الوطني.

وقال: «نعمل على خلق بيئة مدرسية أكثر أمانًا، حيث تم السماح للشرطة المجتمعية بتنظيم لقاءات مباشرة مع الطالبات لشرح مخاطر الابتزاز، وطرق الحماية منه، وكيفية التبليغ عن المبتزين دون خوف أو تردد».

ويضيف أن «الجهود لا تقتصر فقط على التوعية داخل المدارس، بل تمتد إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطالبات اللواتي تعرضن لمثل هذه المواقف، لضمان عدم استغلالهن مجددًا، أو تعرضهن لمشكلات نفسية تؤثر في تحصيلهن الدراسي».


مسؤولية من؟

المشكلة الأساسية لا تكمن فقط في ضعف الوعي الرقمي، بل في غياب قوانين رادعة وقوية تحمي الضحايا وتحاسب المجرمين بشكل سريع وفعال. بعض الخبراء يرون أن الحل لا يكمن فقط في التوعية، بل في تطوير منظومة قانونية صارمة تجرّم الابتزاز الإلكتروني بعقوبات واضحة وقاسية، تمنع المبتزين من الإفلات من العقاب.من جانب آخر، تلعب الأسرة دورًا محوريًا في حماية الفتيات، عبر مراقبة نشاطهن الرقمي وتثقيفهن حول مخاطر الإنترنت، لكن المشكلة تكمن في أن الكثير من الآباء والأمهات أنفسهم غير مدركين لحجم التهديدات الإلكترونية التي تواجه أبناءهم.


ما الحل؟

بين جهود وزارة التربية، وحملات التوعية، وضرورة تطوير القوانين، يبقى الحل النهائي لهذه الظاهرة بحاجة إلى تكاتف مجتمعي حقيقي، يشمل الأسر والمدارس، والمؤسسات الأمنية، وحتى شركات التكنولوجيا، التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها في حماية خصوصية المستخدمين ومنع إساءة استخدام بياناتهم.

إلى ذلك بين الباحث الاجتماعي محمد سعود في حديث خاص لـ «الصباح» : على الأهل متابعة الفتيات خاصة في عمر المراهقة في المراحل الدراسية المتوسطة والإعدادية، بالإضافة إلى أن الشرطة المجتمعية تلعب دوراً مهماً وأساسياً بموضوع الابتزاز الالكتروني إلى جانب عمل برامج الهكر، وإيقاف الحسابات الالكترونية للمبتزين . 

ودعا إلى ضرورة توفير أجهزة تعقب 

حديثة لتسهيل الوصول إلى هوية المبتز ومحاسبته قانونياً أسوة بباقي دول العالم، لأن أغلب الضحايا لا يقومون بالابلاغ 

عن المبتز لأسباب اجتماعية وعشائرية خاصة .

وتتعامل الجهات الأمنية مع حالات الابتزاز وفقاً لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المادة 26 ، والتي تكون فيها عقوبة الابتزاز الحبس الشديد أو البسيط من 3 أشهر إلى 5 سنوات أو غرامة يحددها الخبير القضائي تتناسب مع الضرر الحاصل للضحية.