حزام أخضر

الأولى 2025/03/24
...

 كتب رئيس التحرير:


في سنوات الحصار الذي فُرض على العراق بسبب السياسات الرعناء للدكتاتوريَّة فقدت المدن العراقيَّة الجزء الأكبر من المساحات الخضراء فيها ومن حولها، وكانت العاصمة بغداد هي الأشدّ تضرّراً، إذ ذهب الحزام الأخضر الذي كان يُحيط بها وأصبحتْ محاطةً بمساحاتٍ جرداء زادتْ من وتيرة العواصف الترابيَّة المتكرِّرة بعد أنْ كانتْ مصدّاً طبيعيّاً لها.

أمس أعلنتْ أمانة بغداد عن البدء بمشروع الحزام الأخضر للعاصمة، وستكون باكورة هذا المشروع زراعة (250) ألف شجرةٍ مع استخدام تقنيَّةٍ جديدةٍ في سقي هذه المساحة الخضراء تعتمد بشكلٍ أساسٍ على تحويل مياه الصرف الصحيِّ إلى مياهٍ صالحةٍ للريّ.

من أولى المشكلات التي تعانيها الحواضر الكبرى هي المشكلة الإيكولوجيَّة التي تتمثل بهيمنة البناء وتوسّع العمران ما يستلزم ضمور المجال الأخضر الذي يتسبَّب بابتعاد المدن عن المجال الطبيعيِّ وغياب المتنفّس الحيويِّ، إضافةً إلى ما يعقب ذلك من زيادةٍ في الملوّثات الهوائيَّة وتنامي خطر زحف النطاق الصحراويِّ إلى قلب المدن.

العراق من أكثر الدول التي تحتاج إلى مشروعٍ كهذا، فالارتفاع الكبير في درجات الحرارة صيفاً يمكن أنْ تنخفض حدّته بشكلٍ ملحوظٍ إذا أحيطت المدن بسياجٍ أخضر، وهناك تقارير تُشير إلى أنَّ مجالاً أخضر يُحيط بالمدينة يمكن أنْ يجعل درجة الحرارة تنخفض لأكثر من ثلاث درجاتٍ مئويَّة.

تاريخيّاً كانت بغداد منذ تأسيسها محاطةً بالخضرة من جهاتها الأربع، وربما يكون هذا سبب تغنّي المؤرّخين والشعراء القدامى بمناخها المعتدل وهوائها العذب. وقد آن أنْ يعود لبغداد حزامها الأخضر.