رشيد الشمري
ولأن العداء في أروقة السياسة لا يظهر في العلن، بل في دهاليز السياسة، فإن الصراعات السياسية لا حدود لها وتعود جذورها عندما فاز “اكرم امام أوغلو” رئيساً وعمدة لبلدية اسطنبول، وبهذا فقد أنهى هيمنة حزب العدالة والتنمية على المدينة، التي استمرت 25عاما، فهو الفارس الذي أرعب رئيس حزب العدالة والتنمية، ونظرا لأهمية اسطنبول كعاصمة اقتصادية، فهي تعتبر صراعا انتخابيا مهما، والسؤال هنا من هو “العمدة الذي أرعب الرئيس؟ وهل نحن أمام صناعة بطل جديد، ففي عام 2019 فاز برئاسة بلدية اسطنبول محققاً ضربة لحزب العدالة والتنمية، كون العاصمة تمثل 40 بالمئة من الاقتصاد التركي، وإن من يسيطر عليها فهي تمكنهُ من الفوز بالانتخابات، وممكن أن ينافس وبقوة على الرئاسة التركية، ولهذا فإن رجب طيب عمل المستحيل، حتى يطعن في شرعية انتخابات البلدية، التي فاز بها “اوغلو” وبفارق كبير عن منافسيه ولهذا يعتبرهُ أوردوغان أخطر عدواً بالنسبة لهُ، لأن أوغلو له شعبية كبيرة وسط الشباب وينافسه في انتخابات 2028، وبفوز أوغلو عام 2019 ، بدأ بفتح ملفات فساد “حزب العدالة والتنمية”، الذين حكمَوا البلدية آنذاك، حيث اكتشف أن الحكومة السابقة في اسطنبول، كانت تصرف ملايين الدولارات على جمعيات قريبة من أردوغان وعائلتهِ وحزبه، وبمرور الزمن أصبح تحول “حزب العدالة و التنمية” إلى اداة بيد الرئيس، ليمسك من خلالها على كل مفاصل الدولة، وعندما نتحدث عن الشرق الاوسط الجديد وانسحاب ترامب من التحالف مع أوروبا فإن الاخيرة ستكون مكشوفه بعد الانسحاب وبما انه تركيا تعتبر ثاني اكبر قوة بعد الولايات المتحدة الامريكية في” حلف الناتو” فكل دول المنطقة بحاجة للتحالف معها لأهمية الموقع التركي في المنطقة، ولكي تحقق أوربا تحالفاً مع تركيا فهذا لا يتحقق في ظل حزب التنمية والعدالة وقربه من روسيا، ولذلك فإن المخابرات الأوروبية، هي تتناغم مع حزب الشعب الجمهوري وتعمل على تمكينه من الفوز وبروزه كقوة جديدة، كونه حزبا علمانيا ومنفتحا، وبهذا فتركيا رغم كونها دولة مترامية الأطراف، لكنها مخترقة مخابراتياً، وبعد الرفض الأوروبي لدخول تركيا في الاتحاد الاوربي فهي أصبحت مستقلة بالرأي السياسي ثأراً لكرامتها، ما جعلها تسحر الشعوب المسلمة كون توجهها اسلاميا ومعاديا لأمريكا شكليا، ولكن هي في الحقيقة لها توجه سياسي، ولأن رئيسها يعرف اللعبة السياسة جيدا فهو يعرف أين يضع بلده في المكان الصح، ولكن بعد انهيار الاقتصاد التركي واضطرابات الليرة فان الشعب بد يسخط من النظام ويكون مسانداً وقريباً ولو بالخفاء من حزب الشعب الجمهوري وخاصة بعد اعتقال أكرم امام أوغلو فهو أصبح متصدرا للمشهد وبدأ يظهر بصورة البطل، وأن يكون منافساً شرساً قادم الأيام وبإمكانه الفوز، لأنه كسب تعاطف الشارع، ولهذا المخابرات الأوروبية تريد أن تصنع منه بطلا، ليحقق فوزاً انتخابيا وليشكل تحالفاً قوياً معها، كونه ثاني قوة في حلف الناتو، وبهذا فإن المخابرات الغربية تكون قد ضمنت حليفاً جيداً وضربت عصفورين بحجرٍ واحد، فهي تريد التخلص من حزب العدالة وإبعاد تركيا من الحضن
الروسي.