وصمة الإدمان

الصفحة الاخيرة 2025/03/25
...

د. علاء هادي الحطاب 

أُتيحت لي فرصة الدخول إلى مستشفى العطاء الخيري المتخصص بمعالجة المدمنين مع مجموعة من الفنانين والإعلاميين والصحفيين والمشاهير عموماً، في بادرة للتخفيف عن المتعاطين الذين يخضعون للعلاج بإرادتهم، ومنحهم الأمل لإكمال مسيرة حياتهم، من دون وصمة تعاطيهم للمخدرات تلاحقهم، بعدما اكتشفوا ما ارتكبوه من خطأ كبير في تعاطيهم لما يذهب بعقولهم.

كانت غايتنا أن نوصل عدة رسائل إلى الذين يخضعون للعلاج بأنهم جزء من المجتمع وأننا نقف إلى جانبهم في محنتهم، ونشجعهم على التعافي والعودة إلى حياتهم، كما أردنا إيصال رسالة إلى المتعاطين المترددين في الإفصاح عن وقوعهم في الخطأ، والمبادرة بالذهاب إلى المستشفيات المختصة بعلاجهم قبل فوات الاوان، وقبل أن يتحولوا إلى وحوش كاسرة ممكن أن تتفجر في أية لحظة بوجه المجتمع عامة وأهاليهم وذويهم خاصة. 

آفة المخدرات تنشر في البلاد بشكل كبير وسط إجراءات كبيرة تقوم بها السلطات المعنية للحدِّ من انتشارها، لكن واقع الحال يبين حجم الكارثة إذ وصلت هذه الآفة إلى المراهقين وربما حتى الأطفال كما شاهدنا بأم أعيننا، ولم يقتصر الأمر على المناطق الشعبية وغير المتعلمين، بل وصل الأمر حتى إلى أبناء الطبقة الوسطى والأغنياء، نعم والحق يقال، إن هناك اشتغالاً كبيراً من قبل المعنيين في مكافحة هذه الآفة الخطرة سواء في منع وصولها إلى متعاطيها أو إلى معالجة من وصلت اليهم، لكن يبقى الأهم أن نبحث داخل المشكلة ونفكك أغوارها ونمنع تسرُّبها بشكل كبير.

هناك إقبال جيد للتعافي من قبل المتعاطين وذويهم، وهذا مهم، بل والأهم أن نشجع جميعاً هذا المسار إلى جانب مسار آخر يسبق مرحلة التعاطي وهو تثقيف شبابنا وتحذيرهم من الدخول إلى هذا العالم الخطير، إلى جانب تشجيع إجراءات السلطات المعنية التي تكافح بلا هوادة هذه الآفة الكبيرة. 

قصص وروايات كثيرة شاهدناها وسمعناها من المتعاطين والمتعافين ومن الكادر الطبي والقائمين على مستشفى العطاء، وخرجنا بنتيجة مفادها أن كل المتعافين كانوا نادمين على ما اقترفوه بحق أنفسهم وأهلهم وذويهم ومجتمعهم، ويدركون اليوم حجم المأساة التي كانوا فيها، لذا واجب كل النخب وكل مستطيع أن يُسهم في القضاء على هذه الآفة الخطرة تبعاً لموقعه ودوره ومسؤوليته تجاه أبناء بلده ومجتمعه، فلو انتشرت هذه الآفة من دون سيطرة فإنها ستطرق أبوابنا وتدخل منازلنا من دون استئذان.