محرر السينما
صناع سينما شباب، لا ينالون من الدعم إلا القليل، وتتجاوزهم مهرجانات الحرس الثقافي القديم وموائد التكريمات المزيفة لعرّابيهم. وقد كشفت منحة بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2014 عن تهافت أفلامهم(العرابين)، إذ استحوذوا على معظم مخصصاتها، ولم يتركوا للشباب سوى الفتات. تُرى، كيف يُنتج هؤلاء السينمائيون الشباب أفلامهم؟ وما وسائلهم للحصول على الدعم، محليًا أو عالميًا؟" صفحة سينما "الصباح" التقت مجموعة منهم للحديث عن تجاربهم في انتاج افلامهم، فكان هذا
الاستطلاع.
يعتقد صانع الافلام حسين العكيلي "ان المخرجين الشباب اعتمدوا على الموارد الذاتية والتمويل الجماعي، مع استغلال التقنيات الرقمية المبتكرة لتخفيض التكاليف، فضلا عن دعم وزارة الثقافة، والهيئات السينمائية، ونقابة الفنانين وبعض شركات الانتاج الصغيرة، مضافا لها؛ المسابقات والمنح المحلية التي توفرها المهرجانات السينمائية المحلية وعربية".
وأضاف أن صناديق الدعم العربي والعالمي على شاكلة "الصندوق العربي للثقافة والفنون، ومعهد جوته الألماني والمعهد الفرنسي وبعض المهرجانات العراقية والعربية، تعد خيارا رئيسا للدعم الشباب". مؤكدا أن صناع السينما بحاجة إلى شركات إنتاج ومؤسسات ترعى السينما في العراق، التي تعاني من قلة الإنتاج وعدم توفر استوديوهات تعنى بصناعة السينما، اذ ما زال العراق بحاجة الى صناعة افلام طويلة تعرض في سينماتنا وتنافس في شباك التذاكر، لتحظى بثقة الجمهور المحلي واستقطابهم لمشاهدة سينما عراقية تتناول مشكلات وهموم الشارع العراقي.
أفلامٌ بلا دعم
"ولِد مشروع فيلمي من رغبة داخلية عفوية"، بهذه الكلمات وصف المخرج السينمائي علي يحيى تجربته الأولى في إنتاج فيلمه القصير "تجري من تحتها الأنهار" واضاف " اجتمعنا كمجموعة شباب لصناعة فيلم، من دون التفكير في الدعم أو التمويل، نظرًا لغياب أي دعم للسينما في العراق خلال السنوات العشرين الماضية، مسترسلا "من خلال عملي مديرا إبداعيا لوكالة بيكورب، انتجنا عملًا لمنظمة الصحة العالمية بميزانية محدودة، فاتخذت قرارا بتحويل المشروع إلى فيلم، أكملنا العمل بجهودنا الذاتية، حيث شارك معظم الفريق في إنجازه بشكل تطوعي، بدءًا من مدير التصوير، وصولا الى المخرج والمونتير، وقد انفقنا الميزانية المحدودة على الإنتاج والخدمات الخارجية، ليصل الى نتيجة مفادها: " إذا أردت أن تصنع سينما في العراق، فعليك أن تؤمن بالعمل مجانا والمغامرة بكل ما تملك".
وتحدث مخرج الانميشن زيد شكر بأسى عن تجربته في الاخراج، قائلا : " المخرجون الشباب وأنا منهم نحفر بالصخر لإنجاز مشاريعنا، فأفلامي انتجها بأموالي، المفترض انفاقها على أطفالي، ورغم عملي في هذا المجال أكثر من 15 عاما، حققت فيها 20 جائزة دولية"، لكني لم احصل على أي تمويل" ويواصل شكر حديثه: " عالميا يعتمد صناع السينما على منح من المنظمات السينمائية الكبرى، مثل Sundance Institute وCNC الفرنسي" كما يوفر الإنترنت فرصًا واسعة للتوزيع من خلال منصات مثل YouTube"" و" Netflix، ما يساعدهم في الوصول إلى جمهور عالمي دون الحاجة إلى شركات إنتاج
ضخمة"، ويضيف زيد شكر: "محليًا، نلتــجـئ الـــى المهــرجانات السينمائية، والمؤسسات الثقافية، وصناديق دعم المواهب الشابة
للحصول على الدعم.
منحٌ إنتاجيَّة
وصف المخرج عدي عبد الكاظم تجربته بأنها " بدأتُ في صناعة أفلام الرسوم المتحركة عام 2003، وسط غياب الدعم الحكومي أو الأهلي، معتمدًا على الجهود الفردية والشغف. وخلال 17 عامًا، أخرجتُ سبعة أفلام، منها "السفينة" (2012)، "أنا "(2017)، "كرة" (2022)، و"بذرة" (2023)، وفيلم "تخطيط "(2022) الذي يتناول رحلة فنان يشك في أفكاره، فحصد جوائز في مهرجانات دولية مثل روسيا، بلغاريا، كندا، وإيطاليا "، مضيفا أنه وفريق عمله عانى الأمرين في الحصول على دعم، فاعتمد على نفسه في انتاج معظم أفلامه، لكنه يؤكد أن "الحكومة العراقية
دعمت السينما في السنوات الأخيرة، من خلال المنح الإنتاجية، ما يُعطي الأمل لصناع الأفلام الشباب في تطوير مشاريعهم والوصول إلى مستوى احترافي". ومن وجهة نظره فإن الدعم "لا يزال محدودًا مقارنة بالاحتياجات الفعلية لصناعة سينمائية متكاملة". أظهر الاستطلاع ان معظم الآراء أكدت عدم وجود دعم لمشاريع الشباب السينمائية، وبينت أخرى أن المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية والمهرجانات المحلية والعربية تقدم الدعم احيانا، لكنه محدود، وتفاءلت بعض الآراء بمنحة الحكومة لدعم السينما
العراقية.
مشكلاتٌ وتحديات
واجه المخرج حسن صبري الفائز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الدولي لمهرجان لأفلام الشباب 2025.. مشكلات وتحديات، أبرزها بحسب قوله: "غياب الدعم المالي وصعوبة الحصول على المعدات اللازمة" وتابع: "شغفي بالسينما دفعني لتمويل الفيلم من جيبي الخاص، رغم تواضع الإمكانيات. لم أكن وحدي في هذه الرحلة، فقد وقف أصدقائي إلى جانبي، مؤمنين بالفن والرغبة في التعلم. تطوّعوا للعمل دون مقابل، وأعاروني معداتهم، لنصنع معًا شيئًا نحبه. كنا نتعلم أشياء من اليوتيوب أو نتصل بهذا وذاك بفترة المونتاج.