المثلبة الحقيقيَّة

الرياضة 2025/04/10
...

علي حنون


كالعادة، وكما هو ديدننا وعُرفنا عند ختام رحلة كلّ مدرب سواء كان أجنبيّاً أو محليّاً مع منتخبنا الوطني لكرة القدم، تأخذنا الأهواء والرغبات بعيداً عن حدود تخصّصنا ونُولج، باندفاع غير محسوب، حدود مسؤولية هي بفواصلها وفلسفتها ليست من شأننا ولسنا معنيين بشؤونها، لذلك وجدنا (الناس)، وفور غلق ملف الإسباني خيسوس كاساس، بعد مخاض عسير، يذهبون وكُلّ من موقعه ومنزلته، وبمختلف انتماءاتهم المهنية يُسوّقون لعديد الأسماء التدريبية، وهذا يُقدّم لنا دليلاً لا يُدحض على أنَّ رؤى الغالبية بشأن الإخفاق تتعلق بالمدرب (بغض النظر عن الأمور الأخرى) وهذا برأينا، كنقاد ومتابعين، خطأ ينبغي تصويبه في حال رغبنا بصدى إيجابي لما ننشد من واقعية مهنية، لأنَّ المدرب، الذي نجح مع منتخب آخر في ظل ظروف مُواتية، لا يعني بالضرورة أنه يستطيع معنا استنساخ النجاح، ولنا في ما نقول غير حجة وبرهان، وحتى كبار الأسماء التدريبية قد يكون مُؤشر توفيقها مع منتخبنا مُنخفضاً، لأسباب منطقية يتعلق جُلها ببيئة العمل.

إذ إننا نُعاني التدخلات المُختلفة ورؤانا مُتشعبة وليس لدينا آلية تنظيم محترفة وهذا يسري على عينة من إدارات المنظومات الرياضية وثُلة من الإعلام وحتى على بعض قيادات الجماهير وكذلك نُعاني فنيّاً في جانب الأدوات (اللاعبين) فمنظومتنا لا تمتلك تلك الأسماء المُؤثرة جدّاً سواء في ضفة الوجوه المحلية أم في جانب الأسماء التي تنشط في دوريات أوروبية، نعم جماهيرنا تتعاطف مع المُحترفين لأنها تعتقد أنَّ فيهم قدرة أفضل على إصابة التغيير وأنَّ مسألة الاستعانة بهم تُمثل مصلحة عامة ورغبة جماهيرية حاضرة، إلا أنَّ الواقع يُؤكد أنَّ أفضل مُحترفينا ولعديد الأسباب، لا يُمكن أن يصل إلى مرتبة المصري محمد صلاح ومن في منزلته، وهذا لا يعني التقليل من إيجابيات تواجد محترفينا، لكننا يجب أن نتعامل مع واقعنا بتجرد، إذا ما رغبنا الخوض في الحلول المناسبة.

يُمكن أن نُحقق المُراد ونصل بعد جهد جهيد و(دعاء الأمهات) إلى نهائيات مونديال (2026)، لكن ماذا نتوقع لرحلتنا بعد كسب إحدى بطاقات المرور إن شاء الله؟ ويقيناً أنَّ التأهل هذه المرة لا يُعدّ إنجازاً لأنَّ الإنجاز هو النتيجة، التي تُحققها للمرة الأولى وبما أننا سبق أن تأهلنا إلى مونديال المكسيك (1986) فإنَّ الإنجاز يعني تجاوزنا الأدوار الأولى في النهائيات المونديالية، وهذه المحطة يقيناً ستكون شيئاً نفخر به.. عموماً نحن نتمنى أن ننجح وتتحقق تطلعات الجميع بتكرار الوصول إلى نهائيات المونديال، لكننا، في الوقت نفسه، علينا أن نُؤمن بأنَّ مشكلة عدم التطور تتعلق بطبيعة بيئتنا العامة، التي لها ارتداداتها السلبية على منظومتنا الرياضية عموماً وكرة القدم تحديداً، والفلاح سيأتينا لا محالة عندما نسير على خطى الإصلاح الذي سارت عليه الاتحادات المعنية في أغلب دول محيطنا الإقليمي، والأخذ بتجارب الآخرين ليس مثلبة، وإنما الاستكانة وعدم الاعتبار هي المشكلة المعيبة.