أربيل: رائد العكيلي
يُلخّص كتاب "موجز الرحلتين في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحين" لسردار عبدالله رحلتي الكاتب الاستكشافيتين، اللتين مزجتا بين البحث التاريخي والوصف الواقعي، ليقدم روايةً غنيةً بالتفاصيل عن حياة الشيخ النقشبندي وتأثيره الروحي والسياسي. الكتاب الذي احتفى به على أرض معرض أربيل الدولي للكتاب بنسخته الـ 17 خلال ندوة ناقشها نخبة من الأدباء والمفكرين، اعتبر إضافة نوعية للأدب التاريخي الكوردي، والإصدار الثاني لسردار عبدالله بعد روايته السابقة "أتيلا آخر العشاق- 2019".
يوثق سردار عبدالله خلال رحلتيه مشاهدات عن الأماكن التي ارتبطت بالشيخ خالد النقشبندي، مع تركيز على مدينة جيهان آباد، حيث عاش الشيخ فترة من حياته تحت رعاية الشاه عبدالله الدهلوي.
ويوضح سردار عبدالله في حديثه لـ "الصباح" أن: هدفه كان تقديم معرفة عميقة بالطريقة النقشبندية بعيدًا عن الصورة النمطية التي تروّجها منصات "السوشيال ميديا"، مع التأكيد على الجوانب التاريخية والسياسية المهمّشة في سيرة الشيخ خالد.
وتضمنت صفحات الكتاب وصفًا دقيقًا للمناظر الطبيعية والعادات الاجتماعية، فضلًا عن رصد للغرائب والعجائب التي صادفها الكاتب في طريقه.
كما ويسلّط كتاب "موجز الرحلتين في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحين" الضوء على الدور الروحي والسياسي للشيخ خالد النقشبندي، الذي أحدث تحوّلًا جذريًا في المنطقة خلال فترة فراغ السلطة بعد سقوط ولاية بغداد العثمانيّة وإمارات الكورد، وكيف تحوّلت الزعامة الكوردية بفضله من طبقة الأمراء الإقطاعيين إلى رجال الدين المتنوّرين، مما مهّد لظهور الحركة القومية الكوردية بقيادة الشيخ عبيدالله النهري، الذي شكّل جيشًا مشتركًا من العرب والكورد والأرمن، فضلًا عن تأثير الشيخ خالد المباشر على السلطة العثمانية، وعلاقاته الوثيقة مع شخصيات بارزة مثل شريف مكة وخديوي مصر، كما ويرصد الفترة الممتدة من أوائل القرن التاسع عشر، وكيف كانت المنطقة تعيش تحوّلات كبرى عقب انهيار النفوذ العثماني المباشر، لتصبح الطريقة النقشبندية الصوفيّة قوّة روحيّة وسياسيّة بديلة. الكتاب الذي أُحتفي به وسط حضور لافت قدم مزيجًا فريدًا بين السرد الروائي والدقة الأكاديميّة، مما يجعله مرجعًا مهمًا لفهم التحوّلات الجيوسياسية والروحية في كوردستان والمنطقة خلال القرن التاسع عشر.