البصري لـ { الصباح }: تصفية قادة {داعش} عالمياً تم بجهود عراقية

بغداد: سعد السماك
قلل رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الكريم عبد فاضل "أبو علي البصري"، من خطر تنظيم "داعش" الإرهابي على أراضينا وأمننا الوطني، فيما أشار إلى أن التنظيم الإرهابي يسعى إلى تحوُّل ستراتيجي تدريجي باتّجاه إفريقيا، مبيناً أن ما يؤشر على بقايا "داعش" وحزب البعث المنحل وشخصيات معادية "إيهامهم الإعلامي بقرب استهداف عسكري أجنبي للعراق". البصري، الذي يعدُّ من أبرز الخبراء الاستخباريين بمواجهة الجماعات الإرهابية، قال في حديث خاص لـ"الصباح": إن "فلول تنظيم داعش الإرهابي حالياً في العراق تواجه نكسات مالية وخسائر بشرية متتالية سواء في قياداتهم أو بين عناصرهم، وبرغم محدوديتهم إلا أنهم يحاولون إثبات وجودهم عبر التخطيط بتهديد امتدادات خارج مناطقهم بعدما فقدوا مقومات أو حواضن ثابتة تدعمهم للتحرك في داخل العراق".
مخيم الهول
وحذّر البصري من محاولات التنظيم الإرهابي في سوريا للهجوم على سجن "مخيم الهول" الذي تحرسه قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شمال شرق سوريا، والسعي إلى إطلاق سراح آلاف الإرهابيين الموقوفين فيه ومن مختلف الجنسيات، مبيناً أن "هناك نحو 1900عراقي داخل سجن مخيم (الهول) وذلك لعلاقتهم بالتنظيم الإرهابي في العراق"، إلا أن رئيس جهاز الأمن الوطني بدا حذراً إزاء خطر (دواعش الخارج)، وقال: إن "الوضع في العراق ليس كما في سوريا وشمال أفريقيا التي يوجد بها عدد كبير من عناصر داعش الذين نشؤوا داخل هذه الدول". وأكد، أن "استخبارات جهاز الأمن الوطني تدرك بشكل واسع كل ما يتعلق بالتنظيم الإرهابي ضمن إطار المراقبة والمتابعة وقدرة الوصول للأهداف الإرهابية حتى خارج البلاد، كما أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على الأراضي السورية، تمنع هامش المناورة لدى التنظيم الإرهابي وتجعله غير قادر على استعادة قوته من جديد، على أراضيهم، ما يضع الإرهابيين في أوضاع ميؤوس منها وتضييق الخناق عليهم". ولفت البصري، إلى "أهمية استجابة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) للتحديات الأمنية والعسكرية وتسليم السجناء العراقيين للجهات الحكومية العراقية"، وقال: إنه "لابد من مبادرة سريعة من قوات (قسد) في ذلك الشأن، لتدارك توقعات تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا ورفع كاهل المسؤولية عنهم والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة".
الخليفة المزعوم
إلى ذلك، قال رئيس جهاز الأمن الوطني: إن "تنظيم داعش الإرهابي الذي تصدر تصنيفاً عالمياً لأكثر الخلايا الإرهابية تدميراً ودموية العام الماضي؛ قد يتحوّل باتجاه إفريقيا، إضافة إلى تحركه في غرب آسيا، ما يمكن أن يسمح لهؤلاء الدواعش بالمطالبة بمنصب (الزعيم أو الخليفة) كما يطلقون عليه، وذلك بعد مقتل الإرهابي الزعيم الأخير (أبو الحسن الهاشمي) في نيسان 2023".
وأضاف، أن "الزعيم الإرهابي (الخليفة) لم يعد الشخصية الأهم في تنظيم داعش باعتباره (إيديولوجية مذهبية) تقوم على بثِّ الفتنة الطائفية وفكِّ عرى الوحدة الوطنية، إضافة إلى اعتماده بالتنظيم كخطاب عابر للحدود، وتسخيره للتجنيد في صفوفهم"، وتابع: أنه "لا يهم من يكون الزعيم الجديد ومن أي بلد سواء كان عراقياً أو من أي بلد آخر، كذلك أيضاً لم يعد الزعيم الإرهابي ليستوفي معايير القيادة التقليدية لكن المهم أن موقعه الجغرافي يمنحه بعض الميراث المعني بالتهديدات الإرهابية والتمويل المالي، وهو أساس عملياتهم الإرهابية"، مبيناً أن "نحو 70بالمئة من نشاط داعش بالمدة الأخيرة يتركز في سوريا وجمهورية الكونغو الأفريقية وكذلك في أفغانستان وباكستان".
ولفت البصري، إلى أن "مقتل جميع قادة تنظيم داعش الإرهابي على الصعيد العالمي، كان من خلال اختراق الأجهزة الاستخبارية العراقية للجدار الأمني للتنظيم الإرهابي، ولسنوات طويلة أسهمت أجهزتنا في منع تنفيذ عمليات إرهابية في العراق وفي دول أوروبية وأفريقية وأميركية وآسيوية وفي روسيا"، غير أنه نبّهه إلى "ضرورة توثيق التعاون الاستخباري عالمياً لمواجه تنظيم داعش الآخر الناشط عبر (مواقع الويب والتواصل الاجتماعي الموازي للتنظيم الإرهابي القائم على الأرض) بما يؤدي للإطاحة بمخططاته الساعية لإعادة إحياء حركته المشلولة عالمياً ومحلياً".
تهديدات موهومة
وعلى المستوى المحلي العراقي، أكد رئيس جهاز الأمن الوطني، أن "التهديدات الموهومة التي تقف وراءها بقايا عصابات داعش وحزب البعث المنحل وشخصيات معادية؛ تأتي في إطار استغلال البيئة الأمنية الستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط والعالم التي تنطوي على تطورات جيوستراتيجية بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول المنطقة والعالم أجمع، خصوصاً تهديدات الكيان الصهيوني".
وأضاف، أنه "إذا أخذنا بعين الاعتبار الاستقرار الأمني في العراق، يمكن القول: إن هذه الأصوات المنحرفة أصبحت تمثل (خطر التحريض بالإعلام) على أمن البلاد والمنطقة، على المستويين الاجتماعي والوطني معاً، وأنها لا تمتلك مقومات الحضور أو التأثير لدى الرأي العام العراقي وإنما باتت مصدر إزعاج وسخرية بين كافة الأوساط الاجتماعية"، مشيراً إلى أن "جهاز الأمن الوطني من خلال قسم الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب يتمتع بقدرات تقنية وموارد بشرية قادرة على معالجة تلك الخروق إعلامياً وعلى الأرض لقطع دابر مخططات أعداء البلاد وعملائهم الأذلاء".
مهام نوعية
وكشف البصري، عن تنفيذ مهام نوعية "أسهمت بمنع وصول الإرهابيين إلى الوسائل التي تمكِّنهم من شنِّ هجمات وتحييد وقتل أبرز العناصر الإرهابية داخل وخارج البلاد وتفكيك شبكات تجارة المخدرات الدولية"، كما كشف عن "استحداث أقسام جديدة في ملفات غسل الأموال والتحقيق والابتزاز لتنمية قدرات الدولة في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار للمجمع العراقي". كما كشف البصري، عن اعتقال أبرز قادة فلول التنظيم الإرهابي، وقال: إنه "خلال عمليات نوعية مسبوقة بجهد استخباري تمكنت مفارز الجهاز المدعمة بالأفواج التكتيكية من اعتقال الإرهابي (خ .ش ,ش) المكنى (أبو زينب) من خلال عملية نوعية نفذت داخل الأراضي السورية في منطقة البصيرة بالرقة، ليتم قتله بعد اشتباكه مع القوة المنفذة، كذلك أيضاً تم القبض على الإرهابي (أبو دجانة) وهو يروم تنفيذ عملية إرهابية داخل إحدى أسواق كركوك باسم (غزوة العيد)، إضافة إلى القبض على الإرهابي (أبو ياسر) الناقل الرئيس لقاطع ما يسمى (قاطع شمال بغداد)، كذلك أيضاً القبض على الإرهابي (أبو أنس العراقي) المتخصص في استخدام سلاح SBG9 وتزوير الأوراق الثبوتية للإرهابيين".
معتقلون وعمليات
وأوضح رئيس الجهاز، أن "عدد المعتقلين خلال المدة الماضية بتهمة الإرهاب بلغ نحو (505) إرهابيين، ونحو (828) تاجر مخدرات، فضلاً عن إلقاء القبض على (1298) متهماً بالتهديد والابتزاز وأكثر من (145) متهماً على علاقة بحزب البعث المنحل وأجهزته القمعية"، مشيراً إلى "ضبط أعتدة وأسلحة مختلفة ومواد شديدة الانفجار ونواظير ليلية كانت بحوزتهم".
وتابع: أنه "تم اعتقال نحو 148 من المنتمين لحركة (القربانيين) في محافظات (البصرة والمثنى وواسط وميسان وذي قار)، بينهم ما يسمى بـ(العارف) المنظّر للحركة بعد مداهمتهم في أوكارهم"، مشيراً إلى "أهمية تحديد حجم المخاطر المستقبلية لهذه الحركة المنحرفة، ومتابعة تأهيل الشرائح الاجتماعية ومتابعة المنشورات والمناهج الدراسية ورصد منصات التواصل الاجتماعي التي تقوم بنشر التطرف والرسائل الإعلامية التي تهدف إلى بثِّ الأفكار الطائفية"، وحذر البصري من أن "الحركة تشكّل خطراً على المجتمع طالما يحدث تكرار ظهور تلك الحركات المنحرفة، ولجوء الكثير من الشباب إليها رغم أن بعضها تنتهي بالانتحار كما يحدث في (جماعة القربانيين)".
8 آلاف معلومة استباقية
في السياق، أوضح البصري، أن "مفارز الأمن الوطني تمكنت من توفير نحو 8 آلاف معلومة استباقية ساعدت على منع وقوع جرائم إرهابية وجرائم تجارة المخدرات والابتزاز الإلكتروني وحماية أمن الأفراد والمؤسسات، كذلك أيضاً تقديم توقعات استخبارية دقيقة مع تأشير أماكن العدو ومسارات تنقله ووسائله الإعلامية والتي أسهمت في الحدِّ من انتشار الجريمة بشكل غير مسبوق بين الفئات المستهدفة للمعالجة، وكذلك إلى زيادة الدعم المقدم من السلطات المحلية في المحافظات". وبشأن قضية اعتقال ضباط الأجهزة القمعية في النظام البائد، التي كانت الحدث الأهم في مسار تحقيق العدالة في تاريخ العراق وتصدرت اهتمامات المواطنين، قال البصري: "لقد شكّلت اعترافاتهم بارتكاب جرائم قتل والتعذيب المؤدي للقتل على أساس طائفي وديني؛ صوراً متوحشة لا يصدقها العقل ولا يفعلها إلا المجرمون، واعتبارها وثائق تدين مرحلة تاريخية للدكتاتورية التي حكمت العراق على مدى أربعين عاماً مضت كانت تفاصيلها مخفية تماماً عن ذاكرة العراقيين والإنسانية"، مبيناً أن "عمليات اعتقال المطلوبين في قضايا التعذيب وقتل المعارضين للنظام المقبور ستتواصل وفقاً للقانون لغاية اعتقال آخر مطلوب من المجرمين الأحياء في أي مكان يلجأ إليه وإحالتهم للقضاء العادل". وتابع البصري، أن "مهمة الأمن الوطني الأساسية تتمثل في حماية المصالح الاقتصادية والأمنية والصحية للمواطن باعتباره هو المادة الأساسية لواجباتنا"، وقال: إن "الجهاز يرصد ما يقع من انتهاكات حقوق الإنسان في جميع النواحي، بما في ذلك ما يتعلق في حالات العنف المجتمعي والوظيفي"، وتابع "سنوفر التدريب والمشورة التقنية في التحقيق ومعاملة المجرمين وفقاً لقانون حقوق الإنسان العراقي والقانون الدولي الإنساني".