ياسر المتولي
يشهد العراق في الآونة الأخيرة تحسناً ملحوظاً على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، مما انعكس إيجاباً على جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية وخاصة في القطاع المصرفي.
ويُعدّ التواجد المتزايد للمصارف الأجنبية والعربية في البلاد، دليلاً على تعافي البيئة الاستثمارية، كما يعكس الجهود الحكومية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي .
ومن أبرز المؤشرات الإيجابية المتحققة التي أسهمت في تعزيز البيئة الاستثمارية، التعاون الإقليمي والدولي وانفتاح العراق على الدول العربية والعالمية، مما عزز ثقة المستثمرين وشجع المصارف العربية على توسيع وجودها في العراق، إذ يعول عليها في تقديم خدمات مالية متطورة، مثل التمويل التجاري والخدمات المصرفية الإسلامية، إضافة إلى دعم القطاع الخاص والاستثمارات المشتركة.
وتعد هذه الخطوة الوسيلة الأمثل نحو الاندماج العالمي من خلال دخول بنوك دولية، ما يعكس عودة ثقة المستثمرين في الاقتصاد العراقي.
في هذه الأثناء، تجري عملية الإصلاح المصرفي العراقي التي تضطلع بها الحكومة لمواجهة التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي لمواكبة العصر الرقمي والمتطلبات الدولية، عبر مسارين متوازيين؛ الأول إصلاح المصارف الخاصة بقيادة البنك المركزي، والامتثال للمعايير الدولية وتطبيق شروط "مكافحة غسل الأموال" و"تمويل الإرهاب"، لرفع الحظر عن التعامل مع المصارف العراقية، والتعاون مع شركات عالمية لتطوير البنية التحتية التقنية.
والمسار الثاني تتبناه الحكومة لتحديث المصارف الحكومية بدعم من السلطة التنفيذية، من خلال تحسين الكفاءة وتبني أنظمة مصرفية حديثة، لتقليل الفساد وزيادة الشفافية، والتكامل مع القطاع الخاص، وتشجيع الشراكات بين المصارف.
تجدر الإشارة إلى أن هناك عقبات تعيق التطور المصرفي، منها البيروقراطية والتعقيدات القانونية، وضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المصارف المحلية، والحاجة إلى كوادر بشرية مؤهلة لإدارة الأنظمة المالية الحديثة، بهدف خلق نظام مصرفي عصري يدعم الاقتصاد الوطني، لكن النجاح الكامل يتطلب تسريع الإصلاحات لضمان مواكبة المعايير الدولية، بما يفضي إلى تحول العراق إلى مركز مالي جاذب، يسهم في تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة، مما يعزز مكانته الإقليمية والدولية.
وفي الأحوال كافة، لا مناص من الاندماج مع المناخ المالي والمصرفي العالمي، بعد أن يتم الإصلاح المتكامل، بغية ولادة سوق مصرفية وطنية موحدة، في توجيه سبل الائتمان المصرفي صوب الاستثمار التي يتقدمها الاستقرار الاقتصادي الواعد الذي تنعم به بلادنا.