ترجمة: ثريا جواد
على مدار مسيرة مهنيَّة امتدت لأكثر من 50 عاما توفي الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا، عملاق أدب أميركا اللاتينيَّة، عن عمر يناهز 89 عامًا الحائز جائزة نوبل في العام 2010 وأحد رواد الازدهار العالمي لأدب أميركا اللاتينيَّة وترشح سابقاً للرئاسة في بيرو.
أُعلن عن وفاته يوم الأحد الفائت في بيانٍ وقّعه أبناؤه، ألفارو وغونزالو ومورغانا فارغاس يوسا وكتبوا: "توفي فارغاس يوسا بسلامٍ في ليما.. محاطًا بأفراد أسرته".
"سيُحزن رحيله أقاربه وأصدقاءه وقراءه حول العالم، لكننا نأمل أنْ يجدوا العزاء، كما نجده نحن، في أنه عاش حياة طويلة حافلة بالمغامرات والعطاء، وأنْ يترك وراءه أعمالًا خالدة".
جسّد فارغاس يوسا قضايا السلطة والفساد في سلسلة من الروايات، منها "زمن البطل" و"حوار في الكاتدرائيَّة" و"عيد التيس" عاش فارغاس يوسا حياة ملونة مثل رواياته، كما خاض محاولته الفاشلة لرئاسة البيرو، وكان له عداءٌ طويلُ الأمد مع غابرييل غارسيا ماركيز، وفاز بجائزة نوبل في الأدب في العام 2010.
أكدت مسرحياته وقصصه القصيرة ورواياته، بما في ذلك "حوار في الكاتدرائيَّة" و"العمة جوليا وكاتب السيناريو" و"حرب نهاية العالم"، شهرته الأدبيَّة ومع ازدياد شهرته انخرط فارغاس يوسا في السياسة بشكلٍ متزايدٍ مبتعدًا عن الماركسيَّة التي اتسم بها في شبابه، قدّم برنامجًا حواريًا على التلفزيون البيروفي وفي العام 1984، رفض عرضًا من الرئيس المحافظ فرناندو بيلاوندي تيري ليصبح رئيسًا للوزراء.
نُشرت روايته الأولى "زمن البطل"، في إسبانيا في العام 1963 ولكن هذه القصة عن جريمة قتل في أكاديميَّة ليونسيو برادو العسكريَّة ــ حيث قضى فارغاس يوسا عامين في سن المراهقة والتستر اللاحق عليها اعتبرت صادمة للغاية في بيرو لدرجة أنه قيل إنَّ ألف نسخة من القصة أحرقت في ساحة العرض بالمدرسة.
وجد فارغاس يوسا نفسه في قلب طفرة أدب أميركا اللاتينيَّة إلى جانب كتّاب مثل خوليو كورتاثار وكارلوس فوينتس وغارسيا ماركيز وحصل فارغاس يوسا على الجنسيَّة الإسبانيَّة في العام 1993 مع استمرار سيل المسرحيات والمقالات والروايات.
في العام 1987، استقطب فارغاس يوسا حشدًا من 120 ألف شخصٍ إلى تجمعٍ في ليما احتجاجًا على خطط تأميم النظام المالي البيروفي، وأطلق حملة رئاسيَّة بعد ثلاث سنوات وبعد مكالمات هاتفيَّة مسيئة وتهديداتٍ بالقتل، هُزم في الجولة الثانية أمام ألبرتو فوجيموري وغادر البلاد في غضون ساعات.
على الرغم من الشهرة العالميَّة للكاتب، إلا أنه واصل إفساح المجال للكتابة الروائيَّة، حيث صدرت له أربع روايات بعد فوزه بجائزة نوبل في العام 2023، أعلن أنَّ روايته الأحدث "أمنحك صمتي" ستكون آخر رواياته وصرح لصحيفة "لا فانجارديا": "مع أنني متفائل لا أعتقد أنني سأعيش طويلًا بما يكفي للعمل على رواية جديدة لا سيما أنَّ كتابة واحدة تستغرق مني ثلاث أو أربع سنوات لكنني لن أتوقف عن العمل أبدًا وآمل أنْ أمتلك القوة للاستمرار حتى النهاية".
أوضح فارغاس يوسا لصحيفة الغارديان في العام 2012: "تعلمتُ من تجاربي السياسيَّة أنني كاتب، وليس سياسياً" وأحد أسباب عيشي هذه الحياة هو رغبتي في خوض مغامرات لكنْ أفضل مغامراتي كانت أدبيَّة أكثر منها سياسيَّة.
وبين أنَّ حصوله على جائزة نوبل كانت "قصة خياليَّة لمدة أسبوع"، لكنها "كابوسٌ لمدة عام" إذ حرمه الاهتمام العام من الكتابة بالكاد: "لا يمكنك تخيل الضغط لإجراء المقابلات والذهاب إلى معارض الكتب".
ولد فارغاس في أريكيبا في العام 1936، وبدأ العمل كمراسل جرائم وهو في الخامسة عشرة من عمره بعد أربع سنوات هرب مع عمته جوليا أوركيدي البالغة من العمر 32 عامًا وهي رحيل وصفه والده بأنه "فعلٌ رجولي" كانت رحلته إلى باريس في العام 1958 بداية لستة عشر عامًا قضاها في الخارج، حيث عاش في مدريد وبرشلونة ولندن، فضلاً عن العاصمة الفرنسيَّة لكنْ أثناء عمله كصحفي ومذيعٍ ومعلمٍ بدأ فارغاس يوسا يعود إلى وطنه من خلال الأدب.
عن الغارديان