ديفد شيبرد وهاري ديمبسي
ترجمة: بهاء سلمان
إنه أمر يدرأ خطر قراصنة البحر الصوماليين، وهي بالوقت نفسه وسيلة أخرى لتعقب الحرس الثوري الإيراني، فقد شهد قطاع الأمن البحري طلباً مرتفعاً من شركات الشحن البحري، أثارته الاعتداءات الأخيرة على ناقلات النفط المارة بخليج عمان، والتي اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا و إيران بتدبيرها.
"لقد تصرفنا بأقصى سرعة، ونشرنا سبعين حارساً اضافياً في الخليج منذ حصول الهجمات الأخيرة،" بحسب "جون تومبسون"، أحد مؤسسي شركة امبري البريطانية، وهي المزود الأكبر لطواقم الأمن لحماية السفن منذ عقد تقريباً. ويتوقع تومبسون ازدياد أعداد الحراس الأمنيين المنشورين على البواخر بنسبة 25 بالمئة تقريباً خلال الاسابيع المقبلة، اعتماد على الطلبات الواردة الى شركته. أما "ديمتريس مانياتيس"، مسؤول القسم التجاري لشركة ديابلوس، فيقول : إن شركته الأمنية (مقرها قبرص) ، شهدت زيادة بطلب نشر الحراس على السفن بنسبة 12 بالمئة.
هذا الحال يمثل تعزيزاً مرحباً به لهذه المهنة، التي شهدت فترة ركود مع تلاشي حالة القرصنة مقابل سواحل القرن الافريقي خلال السنوات الماضية، وهبطت تكاليف استئجار فريق من ثلاثة حراس أو أربعة، لرحلة تستغرق 12 يوماً من ذروة بلغت اربعين ألف دولار الى أقل من نصف السعر، فقد صار حراس السفن سلعة خدمية، وانتهت أيام أهميتهم القصوى، بحسب "باتريك روجرز"، المتخصص بالشؤون الأمنية.
خبرات سابقة
عندما أصبح هجمات القراصنة قبالة الصومال أمراً معتاداً خلال العقد الماضي، تكاثرت أعداد الشركات الأمنية المقدمة للحراس، وغالبا ما يؤسسها رجال قوات خاصة سابقون، أو طواقم النخبة العسكرية. ويتم سحب الحراس عموماً من وحدات النخبة التابعة للجيش البريطاني، عادة من المارينز، وأفواج المظليين، أو قوات خاصة سبقت لهم الخدمة ضمن وحدات جوية أو بحرية متخصصة.
يجد الكثيرون الحياة على السفن ممتعة، فالظروف المتاحة تتنوع بشكل واسع، وبعض سفن البضائع الحديثة مزودة بقاعات رياضية ومطاعم راقية، إذ غالباً ما تخلو منها السفن القديمة. يقول "كيران رايان"، جندي البحرية البريطانية السابق والذي عمل حارساً لسنتين: "إذا عملت على متن باخرة يونانية فهذا معناه أنك ستأكل كالملوك، أما العمل مع سفينة صينية، فمعناه ضرورة امتلاكك لمعدة قوية!"
كما يتلقى المتعاقدون المقبلون من آسيا وشرق أوروبا أجوراً منخفض للغاية، بطلب منهم؛ على سبيل المنافسة. ويؤكد إنه رأينا تحسن مستوى تدريب الحراس المتخصصين خلال السنين الأخيرة بسبب أنظمة المهنة المتزايدة، وتأسيس ضباط المارينز السابقين مراكز لتأهيل المجندين؛ لكن التركيبة السكانية المتغيرة تعني تاخر حصول الحارس العادي على الخبرة المطلوبة إلا بعد خمس سنين، والعديد من الشباب المنخرطين في المهنة من الهند والنيبال.
هبوط واندماج
ويقدر مانياتيس، الذي امضى أربع سنوات من العمل حارساً أمنياً للسفن، حصول انكماش بعدد الشركات الأمنية: "كانت هناك نحو 460 شركة أمنية بحرية خاصة، خلال 2011 و2012، لكن العديد منها تلاشى." وازدهرت بعض الشركات بسبب الأوضاع الجديدة، مثل شركة امبري، التي يرى اصحاب الاختصاص انها خفضت التكاليف عندما شرعت بعملها قبل تسع سنوات، وزاد مدخولها من 33 مليون دولار سنة 2016 الى 64 مليون تقريباً خلال العام الماضي، بحسب معلومات شركة "وتومبسون": "كان سوقاً فاتراً قبل خمس سنوات، لكنه سار وفقاً للتطور الطبيعي."
ربما لا يعيد توتر منطقة الشرق الأوسط قطاع حماية السفن الى زمن الانتعاش، لكنه يقدم طلباً مرحباً به، علاوة على تحديات محددة. ويبدو حراس السفن غير مسلحين، فاطلاق النار على قوات نخبة مدعومة حكومياً يعتبر تصرفاً طائشاً، حتى عند الدفاع عن النفس، بينما تتباين قوانين حمل الأسلحة النارية من بلد لآخر ضمن الشرق الأوسط. لكن يستطيع الحراس المدربون تحسين جودة نقاط المراقبة على متن السفن، وتزويدهم بأفراد اضافيين واستخدام معدات متخصصة، مثل نظارات رؤية ليلية تساعدهم على مشاهدة المهاجمين المحتملين مبكراً.
وتعمل طبيعة الحوادث أيضاً على تعقيد ردود شركات الشحن. واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية وإيران بالوقوف وراء الهجمات، التي نفت علاقتها بالأمر؛ وإذا كانت قد نفذت من قبل دولة،لايكلف الحراس عادة بردعها.
موقف غامض
يقول روجرز : إن بعض مشغلي ناقلات النفط الكبرى كانوا على الأرجح يتحركون بحذر: "ما زلنا لا نعلم يقيناً ماهية التهديدات التي تواجهها شركات الشحن، ويدور هناك جدل حول الكيفية التي هوجمت بها الناقلتان، بالألغام أم بالصواريخ، أو حتى بواسطة طائرات الدرون.
في مثل هذه الظروف، يكون تحسين الاجراءات على متن السفينة نافعاً أكثر من وضع حراس على متن السفن، وتشمل مراقبة الناقلة داخل الميناء ووسط البحر، وضمان معرفة الطاقم لما ينبغي فعله أثناء حصول اعتداء، الى استحضار اجراءات إدارية لأزمة على مستوى الشركات."
يقول خبراء أمن البحار إن مالكي ناقلات النفط يمكنهم اتباع عدد من الإجراءات والسعي لضمان تحركهم نهارا عبر مضيق هرمز، الفاصل بين دول الخليج وايران حيث يمر نحو عشرين بالمئة من نفط العالم يوميا، والسير بعدها بأقصى سرعة.
وتسهم حالة الغموض بتعقيد الرد، فبينما كانت الهجمات الأخيرة هي الثانية على ناقلات النفط في المنطقة خلال أشهر قليلة، يحذر الخبراء من احتمال وقوع الهجوم القادم على نحو مختلف جدا عن سابقاته، فقبل عدة أسابيع، ضرب صاروخ منطقة قريبة من مواقع نفط البصرة جنوبي العراق. ويقول المستشارون الأمنيون أيضا أن هجمات بألغام مغناطيسية تنفجر بعد وقت معيّن تعد مثالا لصعوبة البحث وكشف تعقيدات الحادث، فقد تكون العبوة ملصقة أثناء وجود الناقلتين في الميناء، أو بعد بدئهما رحلتيهما.
يقول "بن ستيوارت"، مدير شركة أمنية بريطانية توفر حراس أمنيين لناقلات النفط بالمنطقة: "لسنا متيقنين بمن نفذ الهجمات، أو كيفية تنفيذها".