«أبولو 11».. نصف قرن على «الوثبة العملاقة للبشريَّة» إلى القمر
علوم وتكنلوجيا
2019/07/22
+A
-A
هيوستن/ أ ف ب
«خطوة صغيرة لإنسان، وثبة عملاقة للبشرية»... مع هذه العبارة الشهيرة قبل نصف قرن تماما، دخل نيل أرمسترونغ التاريخ كأول إنسان تطأ قدمه سطح القمر، في محطة مفصلية أحيت ذكراها الولايات المتحدة ووكالة ناسا السبت الفائت. وفي هيوستن بولاية تكساس حيث مقر مركز الاتصالات للرحلات المأهولة التابع لناسا، أجرى آلاف المولعين بالفضاء عدا عكسيا للثواني الأخيرة قبل ذكرى هذه الخطوة الأولى التي لا تزال ماثلة في أذهان ثر ممن تخطوا الخمسين وتابعوها مباشرة عبر شاشات التلفزيون بالأبيض والأسود حينها.وأعادت وكالة ناسا عبر موقعها الإلكتروني بث تفاصيل هذه اللحظة التاريخية كما حصلت عند الساعة 02,56 بتوقيت غرينيتش صبيحة يوم الاثنين 21 تموز/يوليو 1969. وقد أدلى أرمسترونغ بجملة ثانية أقل شهرة، إذ قال «سطح القمر رقيق وناعم، أستطيع رفعه بقدمي». وبعد نحو عشرين دقيقة، انضم إليه زميله في مهمة «أبولو 11» باز ألدرين الذي أبدى ذهوله بالمشهد «الرائع».
وأعقبت ذلك ساعتان ونصف الساعة من التوصيفات الجيولوجية والعلمية ومن جمع العينات والعمليات العلمية. وقد التقط رائدا الفضاء أكثر من 800 صورة قبل العودة إلى المركبة.
«خطوة صغيرة لإنسان، وثبة عملاقة للبشرية»... مع هذه العبارة الشهيرة قبل نصف قرن تماما، دخل نيل أرمسترونغ التاريخ كأول إنسان تطأ قدمه سطح القمر، في محطة مفصلية أحيت ذكراها الولايات المتحدة ووكالة ناسا السبت الفائت. وفي هيوستن بولاية تكساس حيث مقر مركز الاتصالات للرحلات المأهولة التابع لناسا، أجرى آلاف المولعين بالفضاء عدا عكسيا للثواني الأخيرة قبل ذكرى هذه الخطوة الأولى التي لا تزال ماثلة في أذهان ثر ممن تخطوا الخمسين وتابعوها مباشرة عبر شاشات التلفزيون بالأبيض والأسود حينها.وأعادت وكالة ناسا عبر موقعها الإلكتروني بث تفاصيل هذه اللحظة التاريخية كما حصلت عند الساعة 02,56 بتوقيت غرينيتش صبيحة يوم الاثنين 21 تموز/يوليو 1969. وقد أدلى أرمسترونغ بجملة ثانية أقل شهرة، إذ قال «سطح القمر رقيق وناعم، أستطيع رفعه بقدمي». وبعد نحو عشرين دقيقة، انضم إليه زميله في مهمة «أبولو 11» باز ألدرين الذي أبدى ذهوله بالمشهد «الرائع».
وأعقبت ذلك ساعتان ونصف الساعة من التوصيفات الجيولوجية والعلمية ومن جمع العينات والعمليات العلمية. وقد التقط رائدا الفضاء أكثر من 800 صورة قبل العودة إلى المركبة.
حظوظ كبيرة
وقال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في كلمة في مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا حيث انطلقت المهمة «أبولو 11 هو الحدث الوحيد في القرن العشرين الذي يتمتع بحظوظ كبيرة في أن يبقى معروفا على نطاق واسع في القرن الثلاثين».
وقد شهدت الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من الأنشطة والمؤتمرات والاحتفالات لمناسبة هذه الذكرى الخمسين، في وقت تسعى وكالة ناسا إلى إعادة التحفيز على غزو أميركي جديد للقمر.
وقد أعاد الحدث أيضا إطلاق الجدل بشأن مشروع ناسا الحالي بالعودة إلى القمر، وهو برنامج «أرتيميس» الذي يعتبره خبراء كثر بمن فيهم البعض في داخل الوكالة نفسها، غير واقعي نظرا إلى المهلة القريبة المحددة من حكومة دونالد ترامب لإنجاز هذه المهمة وهي 2024.
وأعاد مايك بنس التذكير بهذا الهدف السبت قائلا «أميركا ستعود إلى القمر في السنوات الخمس المقبلة، وسيكون الرجل المقبل أو المرأة المقبلة على القمر من رواد الفضاء
الأميركيين».
انتقادات للناسا
وقد دخل باز ألدرين ومايكل كولينز، ثالث الرجال في مهمة «أبولو 11» والذي بقي في مدار القمر، في هذا الجدل إذ اغتنما فرصة المشاركة في مناسبات عامة لانتقاد ناسا ودعم مواقف دونالد ترامب المتقلبة إزاء أداء وكالة الفضاء الأميركية. وكان نيل أرمسترونغ قد توفي سنة 2012.
وقال ألدرين (89 عاما) عبر قناة فوكس نيوز الأميركية «لم نطور الصواريخ والمركبات ذات الأداء القوي التي نحتاجها».
وقبيل ذلك، تلقى رئيس وكالة ناسا جيم برايدنستاين درسا علنيا في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
فقد أوصى مايكل كولينز بإرسال مهمات أميركية مباشرة إلى المريخ من دون العودة إلى القمر، فيما أعطى باز ألدرين مجددا نصائح تقنية.
عندها قال الرئيس الأميركي لجيم برايدنستاين «عليك أن تسمع من باز والآخرين... مفهوم؟».
كما توجه ترامب إلى برايدنستاين أخيرا بالقول إن الهدف الحقيقي يكمن في زرع العلم الأميركي على المريخ الذي تعتزم ناسا إرسال مهمة مأهولة إليه في ثلاثينات القرن الحالي، بعد مهام
تجريبية إلى القمر.
القمر الموعود
وقال الرئيس الأميركي في رسالة «إدارتي تعهدت إعادة الهيمنة والقيادة لبلدنا في الفضاء للقرون المقبلة».
ومنذ «ابولو 11»، أعلن عدد من أسلافه في البيت الأبيض إعادة إطلاق البرنامج الفضائي الأميركي.
فقبل ثلاثين عاما تحديدا، في الذكرى العشرين لهبوط الإنسان على القمر، وعد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب بإقامة قاعدة على القمر وإرسال مهمة مأهولة إلى المريخ.
وأشار حينها إلى أن الهدف يكمن في «إعادة هيمنة الولايات المتحدة كأمة فضائية».
وفي كانون الثاني 2004، وضع الرئيس جورج بوش الابن هدفا يقضي «بالعودة إلى القمر بحلول 2020».
غير أن الهوة بين الطموح المعلن والحقيقة المتصلة بقيود الميزانية لا تزال تحول دون إنجاز هذه المشاريع.
ويعتمد مستقبل برنامج «أرتيميس» على الكونغرس الذي يصوّت على الأموال المخصصة لوكالة ناسا... وأيضا على الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني 2020.
وإذا ما خسر دونالد ترامب معركته لولاية رئاسية جديدة، على الرئيس المقبل أن يقرر وجهة الولايات المتحدة الآتية في المجموعة الشمسية.
توحيد العالم
وانتهت هذه المحاولة، التي ولدت من رحم صراع دولي لغزو الفضاء والوصول إلى القمر، إلى توحيد العالم بأسره، حتى ولو للحظة واحدة على الأقل.
بدأ سباق الفضاء للوصول إلى القمر في 4 تشرين الأول عام 1957، عندما أرسل الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي إلى مدار حول الأرض. وأثار هذا القمر (سبوتنيك 1) الرعب في الولايات المتحدة.
تمثل الرعب الكبير في أنْ يستخدم الاتحاد السوفيّيتي، عدو أميركا في الحرب الباردة، هذا القمر الصناعي لاستهداف الأراضي الأميركية بقنابل ذرية من الفضاء.
وعندما أرسل السوفييت أول إنسان إلى الفضاء، يوري غاغارين، وأكمل أول دورة حول الأرض بمركبة مؤهلة بالبشر وكذلك قام بأول سير في الفضاء، خشيت الإدارة الأميركية أن يعد هذا التفوق التكنولوجي للكتلة الشيوعية دليلاً على تفوقها الإيديولوجي.
وقد واجهت أميركا تهديداً لأسلوب حياتها.
وجاء الرد الأميركي سريعاً، ليعلن الرئيس جون كينيدي، في العام 1961، عن خططه لإرسال رواد فضاء إلى القمر، وليس فقط للدوران حول الأرض مثل السوفييت.
تقدم تكنولوجي
سمحت مهمة «أبولو 11» قبل خمسين عاما تقريبا، بتسجيل الكثير من التقدم العلمي والتكنولوجي.
فقد بنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في إطار برنامج «أبولو»، الصاروخ الأقوى في التاريخ «ساترن 5» الذي طوره فريق من المهندسين بقيادة المنشق النازي فرنر فون براون.
وبفضل مبالغ سخية خصصها الكونغرس الأميركي وقدرها 150 مليار دولار (بسعر الصرف الحالي) للبرامج الثلاثة الأولى للرحلات المأهولة، توصلت الناسا وصانعات الفضاء إلى ابتكارات مهمة.
ويقول براين أودوم المؤرخ في مركز مارشال الفضائي التابع للناسا «أبولو كان مختبرا لمحاولة حل المشكلات الهندسية الهائلة التي
كنا نواجهها».
ثورة معلوماتية
ومن هذه المشكلات أن الحواسيب كانت حتى الستينيات تحتل غرفا كاملة وكانت مؤلفة من صمامات مفرغة تلتهم الطاقة.
إلا أن الوضع تغيّر تماما مع حلول الأقراص الصلبة من نوع «سوليد ستايت» والترانزيستور ما سمح بنمنمة كافية لوضعها في مركبات
فضائية.
ويقول ج. سكوت هوبارد المدير السابق لمركز ايمز للبحوث في الناسا قرب سان فرانسيسكو «كان ينبغي ان توفر الصواريخ دفعا قويا جدا لكن كان يجب في الوقت نفسه خفض الكتلة وزيادة القوة في الداخل من أجل المعلوماتية». وكان هذا التطور قد بدأ قبل برنامج أبولو إلا انه هو الذي سرع بروز المعلوماتية الجديدة وفي نهاية المطاف...سيليكون فالي.
منقي مياه
وطورت الناسا كذلك جهازا صغيرا لتنقية المياه يزن 255 ميليغراما ويمكن حمله في راحة اليد. وهو كان ينقي المياه من خلال تحرير إيونات فضية من دون كلور.
وقد اعتمدت هذه التقنية لاحقا للقضاء على الجراثيم في أنظمة توزيع المياه
الجماعية.
الوجبات المجففة
ومن المشكلات الأخرى في الرحلات الجوية هي طريقة حفظ الأغذية من دون برادات التي تحتاج إلى مكان كبير وتستهلك الطاقة.ش
فحسن باحثو الناسا تقنية مسماة التجفيف بالتجميد تقوم على تجفيف الأغذية على درجات حرارة منخفضة جدا من اجل المحافظة على شكلها ومغذياتها لكن دون مياه مع خفض كبير لكتلتها. ويمنع توضيبها تعرضها للرطوبة
والأكسيجين.
الرنين المغنطيسي
طبقت تقنيات تحليل رقمي لصور طورها مركز في الناسا لتحسين صور سطح القمر في مجالات أخرى خصوصا في الطب في تقنيات التصوير مثل «سي تي-سكان» (التصوير المقطعي) والتصوير بالرنين المغنطيسي.
الجزمات القمرية
الجزمة التي انتعلها نيل أرمسترونغ ورواد الفضاء الآخرون الذين ساروا على سطح القمر، صنعت من مواد استخدمت بعد ذلك في الأحذية الرياضية.
وقد توصل أحد مهندسي أبولو آلن غروس خصوصا إلى معالجة إهتراء وسط نعال الأحذية الرياضية من خلال استخدام تقنيات امتصاص الصدمات المستعملة في الجزمات الفضائية، على ما جاء في احد إصدارات مجلة «سبينوف» التابعة للناسا في العام 1991.
أغطية الإنقاذ
ابتكرت الناسا أغطية الإنقاذ المستخدمة راهنا من قبل فرق الإسعاف في العالم وذلك لحماية رواد الفضاء وأجهزتهم من أشعة الشمس وتجنب الحماوة المفطرة.
وهي بسيطة جدا ومؤلفة من غطاء بلاستيكي يوضع فوق طبقة من الألومنيوم الرقيق تعكس الأشعة ما دون الحمراء.
معدات لاسلكية
وكان رواد أبولو منوطين بمهمة جيولوجية وهي حفر أرض القمر لأخذ عينات صخرية، وصولا إلى عمق ثلاثة أمتار.
وطوّرت شركة «بلاد اند ديكر» برمجية من أجل تحسين محرك الحفارة وخفض استهلاك الطاقة... وقد طبقت هذه التكنولوجيا لاحقا في المكانس الكهربائية اللاسلكية.
بزات
وتسيطر على الفضاء ظروف قصوى مع تفاوت هائل في الحرارة بين البرد والفراغ الفضائي وآلاف الدرجات التي تتعرض لها المركبة عند دخولها الغلاف الجوي إضافة إلى الإشعاعات الشمسية.
وطور الجيش الأميركي والناسا أليافا سميت «بي بي آي» في الخمسينيات والستينيات اعتمدتها عناصر فرق الإطفاء أيضا
في السبعينيات.
ويقول مؤرخ الناسا براين أودوم إن هذا مثال بين أمثلة كثيرة لدور المحرك الذي اضطلعت به السلطات الأميركية. ويؤكد «ما من شركة كانت لتتمكن من ذلك».
مردودية الاستثمار
لا شك في أن مردودية الاستثمار كانت إيجابية للاقتصاد الأميركي. لكن كاسي دراير من منظمة «ذي بلانيتيري سوساييتي» يقول من الخطأ النظر فقط إلى الأثر الاقتصادي
للبحث الفضائي.ويختم قائلا «إنها في المقام الأول إبراز للقدرات التكنولوجية والتنظيمية ورسالة موجهة من الولايات المتحدة ليس فقط إلى الاتحاد السوفييتي بل أيضا إلى الدول التي تخلصت للتو من الاستعمار بعد انهيار السلطات الأوروبية» وكان عليها الاختيار بين الرأسمالية والشيوعية.