تتشارك العلوم الطبية مع التكنولوجيا الحديثة في معالجة مرض الخرف المنتشر، وعند ذكر “بحث الخرف” فمن المحتمل ان يظن اغلب الناس بأن العلماء يبحثون عن طرق طبية حيوية لتشخيص ومعالجة والشفاء النهائي من مسببات امراض الدماغ. لكن هناك ايضا برنامج بحث متنام يهدف الى تطوير العلاج لأعداد مرضى الخرف المتزايد، والذين تقدر اعدادهم في بريطانيا 850 الفا و 50 مليونا في العالم اجمع.
وقد شهدنا الشهر الماضي افتتاح مركز أبحاث الرعاية والتكنولوجيا في كلية لندن الامبراطورية بقيمة 25 مليون دولار، فضلا عن البدء في مشروع الفحص باستخدام ليدار وهو كشف الضوء وتحديد مداه لتحديد المكان المستخدم في السيارات ذاتية القيادة، ليساعد في رعاية المرضى داخل المنزل. وتتضمن الخطوات الاخرى استخدام تطبيق في الهواتف الذكية لتذكير المرضى بكيفية القيام بمهامهم اليومية وتجربة الارسال الحي الشخصي.
وستستخدم التكنولوجيا المطورة في المركز اجهزة استشعار حول المنازل او مركبة على اجسام المرضى لتتبع الاشارات الحيوية كضربات القلب وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم. وستعطي هذه الاجهزة معلومات عن النشاط العقلي والحركي والنوم. وستوحد الكمبيوترات المستخدمة للذكاء الاصطناعي هذه المعلومات، ويحذر مقدمو الرعاية من اي تغيرات، كتسليط الضوء على طريقة المشي التي تشير الى تزايد خطر السقوط او الارتفاع في درجة الحرارة المصاحب للإصابة. وسيكشف المركز ايضا عن اختبارات بسيطة للإصابات الشائعة، فالمشاكل المتكررة لمرضى الخرف غالبا ما تؤدي الى الرقود في
المستشفى.
أجهزة آليَّة لمراقبة المرضى
ويناقش الباحثون والفرق الطبية موضوعا اخر هو تتبع الذاكرة والوظائف المعرفية من خلال مراقبة السلوك بطريقة لا تتداخل مع الحياة اليومية. ويمكن ان تستخدم هذه المعلومات للتنبّؤ عند مواجهة المرضى المشاكل والتدخل المبكر لمساعدتهم.
إنّ اضطراب النوم هو مشكلة مهمة لدى مرضى الخرف، لذا سيكشف المركز عن طرقٍ لمتابعة النوم بواسطة مستشعرات الحركة في الاسرّة والشراشف. وستنّبه الاجهزة الآلية المرضى لتجنب المخاطر كإراقة السائل على الارضية او ترك الموقد مفتوحا، فضلا عن مراقبة اشارات يأس المرضى ليتم اعلام فريق الرعاية الصحية الخاص بهم.
ان استشعار ليدار هو خيار آخر تبنّته شركة IBM للحوسبة العملاقة في الدراسة التعاونية على مدى ستة اشهر بدأت الشهر الماضي مع مركز سيرا البريطاني. وتستخدم هذه المستشعرات نبضات ليزر منخفضة الطاقة لإنشاء مسوحات ثلاثية الابعاد بالغة الدقة عن الاشياء والأشخاص المتحركة حول الغرفة.
وسيقوم نظام واتسون لشركة IBM بتحليل المعلومات من مستشعرات ليدار لبناء صورة عن حياة الفرد المنزلية. ويمكن ان يكشف الانعطافات في الحمية الغذائية والنظافة والنوم والحركة للمرضى، وذلك يمكن ان يدل على تدهور حالتهم الجسمية والنفسية. ويمكن للنظام ايضا ان يفعّل منبهاً في الحالات الطارئة كالسقوط مثلا. وبالتركيز على الشيخوخة وطول العمر يقول باحث IBM نيكولا بالماريني “نريد معرفة نشاطات الحياة اليومية باستخدام مستشعرات قرينة للتركيز على البيئة المنزلية اكثر من الاجهزة التي يمكن ارتداؤها التي يرفضها الكثير منهم”. ويؤكد نيكولا بان ليدار تجنّبنا انتهاك الخصوصية باستخدام كاميرات المراقبة وتعطينا دقة وإحكاما اكثر من تقنيات استشعار الحركة
الاخرى.
نظام الذكاء الاصطناعي الآلي
ويضيف نيكولا ان الباحثين في IBM يحرصون على استخلاص المعلومات المفيدة قدر المستطاع عن النشاط اليومي للمريض من غير اللجوء الى المراقبة المتطفلة. فمثلا يمكن لمراقبة استهلاك الخدمات كالكهرباء والماء ان ينبّه مقدمي الرعاية بوجود ميل غير معتاد عن النمط
الطبيعي.
وتبحث جمعية الزهايمر البريطانية عن طرق جديدة لتحسين حياة مرضى الزهايمر. فقد اعلن الشهر الماضي عن اول فائزين ببرنامج التعهد الجماعي، وسيتسلم كل منهما 100 الف باوند لمواصلة التطور. احدها Jelly Drops حلوى نسبة الماء فيها 90 بالمئة لمنع الجفاف وتخفيفه وهي مشكلة مألوفة في عناية مرضى الخرف.
والآخر تطبيق في الهواتف الذكية يدعى “كيف أفعل؟”، يفحص الهاتف الموضع المناسب ويطالب المرضى بالقيام بمهامهم اليومية كغلي الماء او إعداد كوب شاي او الاستحمام. ويمكن للتطبيق ايضا احياء الذكريات المنسية من خلال الفيديوهات والصور التي صورتها العائلة والأصدقاء
مسبقا.
موازنة التمويل بين الانظمة
مشروع الاربع سنوات الذي تقوده جامعة بليموث في انكلترا بالتعاون مع الجامعات وجهات البث من ضمنها اذاعة BBC سيستخدم سوارا حيويا لقياس الاشارات الحيوية كمعدل ضربات القلب، فضلا عن مكبرات الصوت اللاسلكية والارتباط بالانترنت لاستحداث ناتج
شخصي.
يقول الاستاذ الباحث في جامعة بليموث أليكسيس كيرك “مشروع Radio Me سينشأ ويستخدم احدث التقنيات وسيجربها المستخدمون من خلال وسيلة اذاعية مألوفة”.
وعلى الرغم من جهود جمعية مجتمع الزهايمر لإعادة موازنة التمويل بين الطب الحيوي وبحوث الرعاية، أكدت الجمعية ان اقل من خمسة بالمئة من بحوث مرض الخرف في انحاء العالم تركز على الرعاية.
لكن الرئيس التنفيذي للجمعية جيرمي هوجيز يقول “ان هذا التمويل يجب ان يسير جنبا الى جنب مع نظام اجتماعي ممول بشكل صحيح، وإلّا فان جهودنا لتحسين حياة مرضى الخرف ستقوضها الرعاية الرديئة القليلة والباهظة الثمن”.
عن مجلة اوزي الاميركية