تراكمات ومشكلات تهدد مستوى التعليم في البلاد

ريبورتاج 2019/07/27
...

 بغداد / بشير خزعل
تصوير : نهاد العزاوي
بينت نسب الرسوب الكبيرة التي أظهرتها نتائج الامتحانات النهائية للصفوف المنتهية للمرحلة المتوسطة المستوى المتدني للتعليم في المدارس الحكومية والأهلية التي أصبح هدفها الأساس تحقيق الأرباح على حساب مستوى التعليم، وشكا الأهالي تدني المستوى العلمي للمدارس والمدرسين ورفضوا إلقاء اللوم على الطلبة وعائلاتهم بحجج وأعذار عدم المتابعة، ودعموا الآراء التي تبنت كثرة التسيب في المدارس وقلة المستوى المهني والعلمي لأغلب المدرسين والمدرسات وشيوع مظاهر مباني التدريس الخصوصي برغم انتشار آلاف المدارس الأهلية التي تحولت الى تجارة مادية بحتة يسعى إليها أشخاص لا علاقة لهم بالتعليم . 
  فشل
لم تتجاوز نسبة النجاح في معظم المحافظات العراقية الـ 20 بالمئة، وهذه النسبة تبين مستوى الفشل في المؤسسات التعليمية لمراحل الدراسة المتوسطة والاعدادية، الامر الذي ينذر بخطر تفاقم مشكلة تدني مستوى التعليم في المدارس الحكومية والاهلية . 
وتبادل مدرسون وطلبة الاتهامات في ما بينهم، فالطلبة اكدوا ان الاسئلة كانت صعبة ومطولة والبعض منها من خارج المناهج المقررة، كما اكدوا  ان المدرسين لم يكونوا بالمستوى الذي يؤهلهم لايصال المادة العلمية بشكلها الصحيح، والقسم الاخر منهم كان يساوم او يطلب من الطلبة الدخول في دورات تدريس خصوصي مقابل مبالغ مادية كبيرة لم يكن اغلب الطلبة قادرين على دفعها، ومن دخل في تلك الدورات استطاع ان يتخطى بعض المراحل الدراسية .
 
   إهمال
أكد المدرسون في مدارس متوسطة واعدادية عدم رغبة بعض الطلبة في التعليم وبحثهم المستمر عن حجج واعذار واهية لفشلهم في متابعة الدراسة بسبب انشغالهم بالانترنيت والمقاهي والبحث عن نجاح سهل باساليب وطرق مخالفة للقانون، وبينوا ان الطلبة المجدين يحققون نتائج باهرة بعكس اخرين يكون انشغالهم الدائم بانتقاد المدارس والمدرسين . 
قلة عدد المدارس وزحامها بدوام ثنائي وثلاثي وزحمة الصفوف باكثر من اربعين وخمسين طالبا، مع تهالك المباني وعدم توفر اغلب بُناها التحتية مع غياب وسائل التعليم الحديث هي احد الاسباب وراء تدني مستوى التعليم، اذ يقول احد مدراء المدارس ( رفض ذكر اسمه ): المدارس اصبحت خرائب لا تتوفر فيها ابسط وسائل الراحة للطالب، فلا حمامات ولا اجهزة تبريد ولا تدفئة والصفوف بائسة لا تحوي سوى اربعة جدران ومقاعد متهرئة، اضف الى ذلك مستوى المدرس العلمي وكفاءته في ايصال المادة الى ذهن المتلقي وهو يتعامل مع خمسين طالبا في صف واحد، هذه البيئة لا يمكن ان ترتقي بمستوى التعليم ولا يمكن ان تكون بيئة جاذبة للطالب، وتضيف اعباءً كبيرة على اولياء امور الطلبة تنتهي بالرضوخ للامر الواقع وهو اما ترك الدراسة او الرسوب لسنتين او ثلاث، واضاف مدير المدرسة أن الحلول الترقيعية لن تجدي نفعا في وضعنا الحالي ونحن بحاجة الى خطة ستراتيجية تتضمن بناء المدارس واعادة ترميم الصالح منها على اساسات علمية وفنية من قبل متخصصين وليسوا مقاولين محليين وانتفاعيين، وتزويدها  باحدث وسائل التعليم  النظري والعملي والمختبري، وتاهيل المدرسين من ناحية الكفاءة العلمية والخبرة واعادة النظر بالمناهج الدراسية من قبل خبراء متخصصين من الداخل  والخارج . 
 
    لجنة برلمانية
  لجنة التربية والتعليم النيابية طلبت استضافة وزير التربية وكالة الدكتورقصي السهيل لمناقشة اسباب تدني نسب النجاح للصف الثالث المتوسط، التي لم تصل الى 20 بالمئة، وقال عضو اللجنة طعمة اللهيبي : ان نسب النجاح في معظم محافظات العراق  متدنية اذ لم تتجاوز 20 بالمئة، ما جعل لجنة التربية تقرر استضافة الوزير وكالة لمناقشة ذلك،  كاشفا في الوقت نفسه عن “وجود مجموعة من مشاريع القوانين تستعد اللجنة لقراءتها”. 
ونفى خبرا مفاده بان “تكون الوزارة قد اعتمدت درجة 43 كدرجة نجاح كما اشيع في وسائل الإعلام”.
 النائبة وحدة الجميلي ذكرت في بيان لها ان واقع التعليم يشهد وضعا مزريا منذ العام 2003 وحتى اللحظة الراهنة، وأضافت أن الوزراء الذين استوزروا وزارة التربية لم يقدموا خطة تعليمية شاملة لمعالجة كل الاخفاقات التي تدور في فلكها من ضعف المناهج التعليمية وصعوبة البعض منها وقلة عدد المدارس وعدم صلاحية البعض، في مقابل تزايد عدد الطلاب، وقلة الكوادر التعليمية والتدريسية وضعف إمكانات البعض منهم وغياب الرقيب المتمرس من مشرفين اكفاء باستثناءات قليلة ومأساة الأسئلة الامتحانية ومزاجية التصحيح وغيرها من الامور الاخرى . 
وبخصوص الإجراءات المتوقعة لمعالجة تدني نسب النجاح في المدارس الأهلية، قال مقرر لجنة التربية النيابية طعمة اللهيبي :  ان نسب النجاح لهذا العام متدنية في جميع المحافظات وهو امر كارثي وتتحمله كل من وزارة التربية وأولياء الامور، مبيناً أن “الكارثة الاكبر ان تكون نسب الرسوب في المدارس الاهلية اعلى بكثير من المدارس الحكومية.واضاف اللهيبي أنه من المتوقع ان نشهد غلق مدارس عديدة لم تحقق نسب نجاح تتخطى الـ 30 بالمئة خلال العام المقبل، لافتاً إلى أن وزارة التربية ستغلق المدارس الأهلية التي لا تحقق نسب نجاح عالية.
ولفت اللهيبي إلى أنه من غير المعقول ان تكون المدارس الاهلية نموذجية ورسومها عالية ولا تحقق نسب نجاح قياسا بالمدارس الحكومية على اعتبار انها تاخذ مبالغ واجوراً كبيرة، داعيا الى ايجاد قانون صارم بحق المدارس التي لا تحقق نسب نجاح 
معقولة .
 
     تخصيصات 
 وزارة التخطيط خصصت نحو 45 بالمئة من ميزانية برنامج تنمية الاقاليم لتحسين قطاع التربية والتعليم، مؤكدة أن عام 2020 سيشهد نهاية ملف المدارس الطينية في العراق، في حين توقعت لجنة التربية النيابية إغلاق المدراس الاهلية التي اخفقت في تحقيق نسب نجاح عالية. وأكد وزير التخطيط نوري صباح الدليمي، بحسب بيان للوزارة، ان العام المقبل سيشهد نهاية ملف المدارس الطينية في العراق، واستبدالها بمدارس قادرة على توفير الظروف المناسبة للتعليم،معلناً عن تخصيص الوزارة نحو 45 بالمئة من ميزانية برنامج تنمية الاقاليم لتحسين قطاع التربية والتعليم. وأوضح الدليمي ان الوزارة خصصت نحو 45 بالمئة من برنامج تنمية الاقاليم لتحسين هذا القطاع المهم بواقع (1) تريليون و(168) مليارا و(492) مليون دينار.
 
   أسباب
 أعـضـاء بمجلس الـنـواب عزو  تـدنـي مستوى التعليم فـي الـبـلاد إلـى الكثير مـن الاسـبـاب والـتـراكـمـات مـنـهـا الــحــروب المـتـواصـلـة وقلة المدارس والكوادر والتخصيصات، إضافة الى الـدور الـذي لعبه التعليم الاهـلـي، ودور الأهـل المغيب في متابعة أبنائهم، مؤكدين ان كل هذه العوامل أدت الى تدني مستوى التعليم.رئيسة لجنة التعليم النيابية غيداء كمبش قالت : الجميع يعلم بالانتكاسة التي يعاني منها التعليم، وبالرغم مـن جـمـيـع الـحـلـول الـتـي وضـعـت،لـكـنـهـا لم تــرفــع مــن مـسـتـوى الـتـعـلـيـم بــصــورة تليق بـالـعـراق كـبـلـد لــه تــاريــخ وحــضــارة، بسبب مشاكل كثيرة أبرزها التراكمات السابقة مـن الـحـروب والاحــتــلال والإرهاب، وانعكاس الواقع الأمني على جميع القطاعات ومنها التعليم الذي تاثر كثيرا بهذا الجانب، ولا يمكن حل أزمة التعليم إلا بخطط ستراتيجية وبأهداف وسبل قصيرة ومـتـوسـطـة وبـعـيـدة المـــدى، مـشـيـرة الــى أن الوضع الاقتصادي والامني يجعلان تطبيق هذه الخطط صعباً، أما عن الحلول، فقد دعت كـمـبـش الــى زيـــادة الـتـخـصـيـصـات المالية وإيـجـاد تعيينات وبناء مدارس جديدة تخفف من زحمة الصفوف والدوام المزدوج.
 
 
     انتقادات 
 المرجعية الدينية انتقدت في خطبة الجمعة الأخـيـرة تـدنـي مـسـتـوى التعليم فـي الـعـراق، مؤكدة ان نسبة النجاح المتدنية التي أعلنتها وزارة الـتـربـيـة تـكـشـف عـن تـراجـع مستوى الطلبة الدراسي. 
 عـضـو مـجـلـس الــنــواب رائـد فهمي بين  ان مـلـف التعليم فـي غـايـة الخطورة ويـجـب أن تـولـيـه الـحـكـومـة أهـمـيـة قـصـوى، مـوضـحـاً ان لـجـنـة التخطيط الستراتيجي تركز دائماً على رؤى الدولة في هذا الشأن فالتعليم يـعـانـي من معوقات كثيرة منها أمــور تـتـعـلـق بـالـبـنـى الـتـحـتـيـة وأمــور تتعلق بـالمـنـاهـج وأخــرى تتعلق بـالمـدرسـين، ونحن أكدنا ضـرورة الانتهاء من المـدارس المتلكئة باسرع وقت 
ممكن.