طريق الحرير الجنوبي

اقتصادية 2019/07/28
...

محمد شريف أبو ميسم
 

على الرغم من ما يقال بشأن القوانين والاتفاقيات الدولية، الا ان المصالح الاقتصادية لأي دولة لم تعد بمنأى عن الأضرار الناجمة عن ما تسعى إليه الدول الأخرى، كلما ازداد العالم 
انفتاحا وتشابكا في ظل ما يسمى العولمة الاقتصادية، ليس غريبا القول ان اسلوب التسابق بين الدول هو السائد اليوم في الهيمنة على الفرص والامكانيات، فيذهب ما تتمتع به دولة ما باتجاه مصالح دولة أخرى، وعلى هذا تسعى جميع دول العالم لحماية مصالحها الاقتصادية في اطار الوسائل المتاحة بما يمنحها مظلة تنسجم مع ما يقال بشأن القوانين والاتفاقات الدولية، وبالتالي 
استثمار الطاقات والوقت وتفعيل الامكانيات وفق الفرص التي تصنعها المتغيرات والمعطيات الناجمة عن حركة الاقتصاد العالمي.
وفي هذا السياق وعلى الرغم من سياسة الأمر الواقع التي فرضتها التحضيرات الدولية لإحياء حركة التجارة العالمية عبر طريق الحرير الجنوبي المار بمياه الخليج العربي عبر الأراضي العراقية، يمكن أن تندرج المطالبات المتكررة بشأن عدم اعطاء ربطا سككيا لأي ميناء غير عراقي مطل على الخليج العربي في اطار المطالبات الوطنية التي لا يمكن التنازل عنها. 
وجعل هذا الربط مقتصرا على موانئ البصرة فقط لتحقيق أكبر عوائد اقتصادية للبلاد عبر القناة الجافة التي من المفترض أن تربط بين موانئ بلدان شرق آسيا واوروبا عن طريق سوريا او تركيا في نطاق ما يسمى بطريق الحرير الجنوبي.
ومن هذا المنطلق جاءت تصريحات بعض 
النواب الاربعاء الماضي بشأن ما يمكن أن تتعرض له موانئ البصرة من أضرار اذا ما تمت الموافقة على اعطاء ربطا سككيا لأي من الموانئ المطلة على الخليج العربي، فذهب نحو أكثر من مئة نائب للتوقيع على طلب ربط طريق الحرير بموانئ البصرة حصرا، محذرين من أضرار بالغة، اذا ما تمت الموافقة على الربط السككي بالدول المطلة على الخليج. 
ويعد هذا المطلب شرعيا وقانونيا بكل المقاييس، على الرغم من طبيعة التحولات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج في اطار المتغيرات في حركة التجارة العالمية، والتي أفضت الى اختناق غير مسبوق في ممر “خور عبد الله المائي” بعد شروع الجارة الكويت ببناء ميناء جديد على رأس ذلك الممر المائي بالرغم من المساحات الشاسعة لشواطئ جزيرة بوبيان، والذي سيلحق أضرارا كبيرة في حركة الملاحة في ذلك الممر بشهادة كل الوطنيين المتخصصين في هذا الشأن. ما سيجعل من ميناء الفاو الكبير خارج طاقاته الملاحية التي عول عليها كثيرا.
ومن منطلق ما يقال بشأن حق الآخرين في استثمار ما يشاؤون من شواطئهم لبناء موانئ عملاقة تحتكر حركة الملاحة بين بلدان شرق آسيا وأوروبا، يكون للعراق الحق في عدم اعطاء الربط السككي لضمان تدفق البضائع عبر أراضيه من خلال موانئ البصرة الأخرى باتجاه أوروبا لتحقيق أكبر العوائد.