الخطيب لـ { الصباح }: الاكتفاء الذاتي للكهرباء في 4 سنوات

العراق 2019/07/28
...


حوار : عباس عبود - طارق الأعرجي
 
 
أعلنت وزارة الكهرباء وصولها حد الاكتفاء الذاتي في إنتاج الطاقة في عموم البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة وبشكل تدريجي بالرغم من التحديات التي تواجهها، مؤكدة أن سياستها تعتمد على “تصفير الأخطاء” للوزارات السابقة وتطوير النجاحات، كاشفة عن وجود تدخلات من بعض السياسيين في عمل الوزارة تعمل على الحد منها، وزير الكهرباء لؤي الخطيب كشف في حوار أجرته معه “الصباح” عن أن “المدة المقبلة ستشهد إنجاز الربط الكهربائي المشترك مع دول الخليج ليأتي بعده الربط الكهربائي مع كل من تركيا والأردن”، وهذا نص الحوار:

* هل هناك قوى سياسية استخدمت الكهرباء لأهدافها وما هي رؤيتكم كوزير للكهرباء للحد من تدخلات تلك القوى إن وجدت؟
 
- إن علاقة الكهرباء بالسياسة تعد من المسلمات، والدليل على ذلك ان أزمة الكهرباء كانت ملازمة لكل أزمة سياسية وليس فقط في فصل الصيف، ولقد أكدت خلال اجتماعي
الأول في الوزارة أن ملف الكهرباء ليس ملفا خدميا فحسب بل هو ملف أمن وطني، لأن له علاقة بتأمين الخدمات كالزراعة والصناعة وكل مفاصل الدولة، وبالتالي فإن أي إخفاق في هذا الملف سينعكس سلباً على أداء الدولة والأمن الاقتصادي بشكل عام وأمن الطاقة بشكل
خاص، وهما من الركائز الأساسية 
لتوفير الأمن للدولة والمجتمع، وبهذا التوصيف نجد ان علاقة الكهرباء بالسياسة قائمة، وعليه؛ نعم هناك تدخلات من البعض وتعمل الوزارة على إيقافها والحد 
منها.
 
إرادة سياسية
* هل هناك إرادة سياسية تحول دون توفر الكهرباء منذ عام 2003؟
 
- نعم؛ الإرهاب بشقيه السياسي والمسلح استهدف ملف الطاقة بشكل مباشر، لأنهم على معرفة تامة بأن قيام الدولة على النحو الاقتصادي يعني نهوض التجربة الديمقراطية للعراق، وبالتالي قيام دولة رصينة واعدة تؤمن بالعيش الكريم للشعب والأجيال القادمة، وعليه تم التركيز على استهداف قطاع الكهرباء لأنها الأهم، ومع الأسف كانت نظرة الدولة لهذا القطاع مركزة على الشأن الفني فقط، وهذا الاختزال لقطاع الطاقة دون النظر للجوانب الأخرى بذات الأهمية وبالتوازي خلقت فجوة وسوء فهم في كيفية إصلاح هذا الملف الشائك.
 
عقود الجباية
* هل تحتاجون كوزارة الى تشريعات من مجلس النواب تعينكم في 
عملكم؟
 
- بالتأكيد، فقانون وزارة الكهرباء لعام 2017 يتطلب إصلاحا، والإصلاح بهذا القطاع مهم، ويجب أن يكون القانون متناغما مع حاجات الدولة الاتحادية الناجحة لا أن تضع مواد القانون لخلق تشكيلات وزارية على أسس مناطقية وفئوية وتقسم الشركات والتشكيلات بطريقة طائفية ومحاصصاتية، بل وصل الأمر الى أن مشروع خصخصة عقود الخدمة والجباية نفذ بأسلوب غير منهجي للخصخصة، ولم توضع عقود معيارية لها بل وفق اجتهادات شخصية، والذي حدث في هذه العقود أن اجتمع عدد من الشركات الممثلة لجهات سياسية وقامت بتشكيل تجاري أطلقت عليه اسم (شركة) وفازت بهذه العقود على أساس توصيات، ولذلك أصبحت عقود جباية من دون تقديم خدمة، والخبراء في هذه الملفات وخفاياها يقول لك اعطني اسم الشركة لأبلغك عن اسم الجهة السياسية التي وراءها، وعليه فإنها محاصصة وليست خصخصة أو عقود 
خدمة.
 
* قلتم (عند السؤال عن اسم شركة الخصخصة تعرف الجهة السياسية التي وراءها)، فما هو موقفكم من هذا الموضوع؟
 
- عند تسنمي الوزارة وجدت عقود الخدمة والجباية موقعة، وعليه تم تشكيل لجنة متخصصة لمراجعة هذه العقود وسنخرج بتوصيات إما بالمضي بها أو ترشيد الشركات أو المضي الى تسوية ارضائية قانونية مع الشركات المتلكئة أو قد تلغى الشركات المتجاوزة قانونياً، وفي النهاية فان العقد شريعة المتعاقدين وليس من السهل إلغاء عقد، علماً ان الغاءها ليس قرار وزير فنحن نريد أن نبني دولة مؤسسات وهنا نتحدث عن جهات رقابية مسؤولة عن مساءلة جميع الجهات للاستيضاح عن هذه الأمور، ونحن ماضون بالتدقيق، وإذا أردنا أخذ إجراءات فيجب أن ينظر لها من الناحية الفنية والمهنية، وبصورة عامة فالعقود التي يشوبها فساد تعود للجهات الرقابية المسؤولة وهي التي تتابع هذا الموضوع، وهناك ملاحظات على عقود نناقشها في هيئة الرأي كعقود الخدمة والجباية، وهناك ملفات في مكتب المفتش العام تخص الوقود وهناك بعض الاستفسارات من الهيئات الرقابية
الأخرى.
 
مقومات النهوض
* ماهي المقومات التي تسهم بالنهوض في قطاع الكهرباء في
البلاد؟
 
- إن مقومات النهوض بهذا القطاع تعتمد على عدة نقاط، أولها النهوض بالجانب الفني الذي ينقسم الى عدة أبواب (انتاج الطاقة ونقلها وتوزيعها وإدارة مؤسساتها)، وثانياً تأمين الخطة الوقودية بمعنى أن يكون هناك تناغم وتخطيط ستراتيجي على مستوى تأمين الخطة الوقودية للكهرباء، وثالثاً إصلاح النظام المالي والاقتصادي لهذا القطاع بمعنى عندما نتحدث عن تعرفة واستيفاء كلف الطاقة فعلينا أن نتحدث بالأسعار العالمية وليس كما يحصل الآن في العراق وهو استحصال عشرة بالمائة من الكلفة الحقيقية لهذه الخدمة من انتاج ونقل وتوزيع وإدارة وكلف الوقود، فهامش الدعم لقطاع الطاقة بجميع مفاصله يكلف الدولة حالياً بين 12 الى 15 مليار دولار وهذا مبلغ كبير، ورابعاً الجانب الاجتماعي أي بنهاية المطاف نسعى لتأمين خدمة مجزية تحتوي على هامش توفير الخدمات للشرائح الفقيرة وذات الدخل المحدود وتحوي هامش الدعم، وبالتالي لا نحتاج الى إيصال الدعم الى جميع المواطنين ولكن نوصل الدعم الى المحتاجين والشرائح المتبقية تسدد التكلفة مئة بالمئة مع هامش الربح كي تكون مجزية، لأن المحور المالي يجب أن يكون قطاعا قائما بذاته أي أن تمويله ذاتي، وخامساً الجانب التجاري فهذا القطاع يجب أن يكون قائماً على معادلات الربح والخسارة ومعادلات اقتصادية مدروسة ويجب أن نخلق سوقا واعدة للطاقة توفر خدمات للجميع وتكون مستوفية للكلف مقابل خدمة مجزية وبالنهاية فالمواطن يبحث عن توفير الخدمة الأفضل وعلينا مغادرة الفكر الاشتراكي، ومتى ما نظرنا الى كل هذه المحاور سنتحدث عن قطاع واعد قائم بذاته يوفر خدمة ويرفد الاقتصاد ويسند البلد، والكهرباء هي أهم سلعة يجب أن ننظر لها كلبنة أساسية في إصلاح اقتصاد
الدولة.
 
الطاقة والدعم الحكومي
* ما مقدار الطاقة المنتجة؟
وهل هناك زيادة فيها؟
وما مقدار الدعم الحكومي المقدم للوزارة؟
ومتى نتحدث عن الوصول إلى حد الاكتفاء الذاتي؟
 
- إن معدل الانتاج في فصل صيف العام الماضي 2018 كان 14 ألف ميغاواط، وبالرغم من تسلم الاطلاقات المالية في شهر نيسان لهذا العام 2019 إلا أننا نجحنا بالوصول بالانتاج الى أكثر من 19 ألف ميغاواط، إذ تم وضع خطة معجلة تقضي بالنهوض بهذا الواقع لاسيما أن الكثير من السياسيين والمحللين والسفراء كانوا يتوجسون من انهيار العملية السياسية وتغير الحكومة جراء أحداث ملف البصرة، ولكن بجهود العاملين والخطة الموضوعة وبما هو متاح وبالتحديات التي واجهناها نجحنا في البصرة، فبعد أن كان البعض يحسب بأن تكون منها شرارة الأزمة السياسية في العراق وإذا بها الآن تعد منجزا للحكومة، فالمحافظة التي كانت تعاني من شح الخدمات لاسيما بملف الكهرباء والتي كانت تجهز بحدود 15 ساعة يومياً؛ ينعم مركز البصرة اليوم وأغلب أحيائها بـ 24 ساعة تجهيز، وهذا الأمر يجب أن يؤشر كإنجاز، وعندما أتحدث عن البصرة فهي ليست محافظة عادية بل نتحدث عن مورد العراق الاقتصادي والمالي، وأي محافظة في العراق - بما فيها بغداد - عندما تتأثر في الخدمات لا تنهار الدولة ولكن البصرة عندما تتأثر تنهار الدولة، لأن فيها مواردنا الاقتصادية وحقولنا، وبالنهاية لا نملك الا أن تكون هذه المحافظة محمية من كل جوانبها ولا نجعلها حجة لمن يتربص بالعملية السياسية أو بالعراق عن طريق استغلالها كثغرة لهدم
 الدولة.
وعليه فإن تضافر الجهود والدعم اللامحدود من رئيس الوزراء والوزارات الساندة أسهمت بتحقيق هذه الزيادة في تجهيز الكهرباء وتفويت الفرصة على من كانوا يتربصون بالعراق سوءا، وأنا أقولها (إذا تم منحنا المدة المتبقية مع بقاء نفس المستوى من التحديات والضغط الذي تتعرض له الوزارة، فستحل مشكلة الكهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة وبشكل تدريجي) أي خلال مدة الحكومة الحالية وفق مقومات إصلاح التعرفة وتطوير ملف الغاز في العراق، إذ تعتمد سياسة الوزارة تصفير الأخطاء والبناء على نجاحات من سبقنا في تسنم الوزارة وتقويم التحديات التي سنواجهها للوصول الى حد الاكتفاء الذاتي وتوفير الخدمات.
 
استيراد الكهرباء
* ما مقدار ما نستورده من كهرباء من دول الجوار؟ 
ومتى يتوقف العراق عن استيراد الطاقة منها؟
 
- إن الوزارة تستورد من الجانب الإيراني 1200 ميغاواط فقط والمتبقي إنتاج محلي، إضافة الى ذلك فإن الغاز المستورد من إيران يوفر وقودا لمحطات الطاقة بحدود 2880 ميغاواط ويعد وقودا للمحطات الإنتاجية، وعليه فإن إيران لها دور في توفير 4 آلاف ميغاواط، والوزارة خطابها واضح فهي ليست معنية بأي صراع اقتصادي، ونؤكد على ضرورة أن تكون العقود مجزية ومنافسة اقتصادياً، وما يهمنا فيها هو الكمية والتسعيرة وآلية التجهيز، وهناك تفاهمات مع الكويت والسعودية وسنكون منفتحين مع الجميع والتعاون موجود وقراراتنا ستكون على أسس تجارية وليست على أسس سياسية، ولدينا خطة وقودية واعدة لتأمين الوقود وصولا إلى الاكتفاء الذاتي ويتطلب ذلك من ثلاث الى أربع سنوات، ولذلك فإن مسألة استيراد الوقود ليست مستمرة لأن بلدنا غني، ولكن هذا الأمر يتطلب تنسيقا وتطابقا وتناغما بالخطط وتعاوناً بين الوزارات المعنية وأن نعمل من خلال المجلس الوزاري لشؤون الطاقة الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة ثامر الغضبان، نعمل كوزارة واحدة للوصول الى الاكتفاء الذاتي. 
 
الربط مع دول الجوار
* مشروع الربط الكهربائي مع دول الجوار، أين وصل؟
 
- إن موضوع الربط الكهربائي مع دول الجوار يعد واحداً من الأمور التي يساء فهمها، علماً انه يأتي لخلق سوق كهرباء واعدة، وفي النهاية هي أسواق عرض وطلب وهو اقتصاد سوق حر ولدينا ربط كهربائي مع إيران والآن نعمل على الربط الخليجي عن طريق الكويت والسعودية بصورة مباشرة ومع كل من تركيا والأردن، وخلال سنة سيتحقق الربط الخليجي وهناك مفاوضات مع الجانب التركي لتفعيل عملية الربط معها، أما بالنسبة للربط الكهربائي مع الأردن فيتطلب إنجازه مدة تصل الى سنة ونصف السنة على أن ينفذ على الأراضي العراقية من قبل ملاكات الوزارة، وستتم المباشرة بهذا المشروع في مطلع شهر أيلول المقبل على أن ينجز خلال عام ونصف العام لاستكمال الربط، وهذه المشاريع بالنهاية توفر طاقات انتاجية في حالة الاستيراد أو كبلد ناقل للطاقة، ويجب أن نشترك بهذا المشروع لأنه سيخلق سوق كهرباء واعدة ويدر على العراق منافع اقتصاديه كبيرة.
 
محطات جديدة
* هل ستشهد المدة القليلة المقبلة إضافة طاقات إنتاجية جديدة وإنجاز مشاريع تسهم بتحسين واقع الكهرباء؟
 
- نعم، لقد نجحت الملاكات في الوزارة مؤخراً بإدخال محطات جديدة الى الخدمة كانت متوقفة، وهناك محطات بصدد الإنجاز خلال المدة القليلة المقبلة كمحطة الموصل الغازية والرميلة الاستثمارية والسماوة، والناصرية التي من المؤمل أن تدخل الخدمة في شهر تشرين الاول المقبل لترفد المنظومة بـ 1000 ميغاواط وبعدها الدورة المركبة لنفس المحطة لتضيف 500 ميغاواط، إضافة الى رفد المنظومة بـ 755 ميغاواط من جولات تراخيص الطاقة الشمسية، ورغم ان الانتاج الآن يصل الى 19200 ميغاواط ولكن الحاجة في أوقات الذروة تصل الى 25 الف ميغاواط ونعمل على سد النقص الحاصل.
إن كمية الطاقة المتاحة تسد حاجة البلاد في حال الترشيد والالتزام بتسديد جباية الكهرباء وأن تكون التعرفة بالسعر العالمي، وبشأن المشاريع الأخرى في قطاع التوزيع يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الاتفاقات مع شركة (سيمنس) كانت تحوي هامشا محددا لهذا القطاع لخلق منظومة شبكة ذكية لمناطق منتخبة تكون الأساس لتحويل شبكات التوزيع في العراق الى شبكات ذكية وهذا الموضوع يتطلب استثمارات ضخمة قد تصل الى 15 مليار دولار حسب تقديرات الشركة الألمانية، إضافة الى ذلك فالوزارة لديها حملات واسعة لتطوير قطاعي النقل والتوزيع في البلاد من خلال نصب محطات التحويل والمحطات الثانوية ونجاح الملاكات في تصفير مشاكل المحولات في عموم مناطق بغداد بعد أن كانت هذه تعد من المشاكل الكبيرة التي تواجه عمل الوزارة في قطاع
التوزيع.
 
المناطق المحررة
* ما حجم الدمار الذي طال المنظومة الكهربائية في المناطق المحررة بسبب عصابات “داعش”؟
وما حجم الإعمار في تلك المناطق بعد تحريرها؟
 
- إن عصابات “داعش” والعمليات الإرهابية كان لها أثرها السلبي في مجمل المنظومة الكهربائية، إذ خسرنا ما يزيد على 20 بالمئة من خطوط النقل ومحطاتها، و25 بالمئة من الطاقة الانتاجية الفعلية، إضافة الى تأخر مشاريع تطوير حقول الغاز في الأنبار وديالى بسبب الإرهاب، وتأخر إنجاز مشاريع المحطات الإنتاجية كمحطة صلاح الدين الحرارية ومحطة الأنبار المركبة وتدمير محطات بأكملها، وبلغ حجم الطاقة الانتاجية المتوقفة بحدود 7 آلاف ميغاواط بين محطات دمرت ومشاريع عطلت، كل ذلك يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، فنحن خرجنا من معركة نحتاج فيها الى موازنات وتخصيصات لإعادة الإعمار، والنقطة الاخرى أننا يجب أن نفكر بجميع مفاصل صناعة الكهرباء، وعليه خصصنا الكثير من المبالغ لإعادة تأهيل المناطق المحررة، وآخر التخصيصات من قرض (جي أي) البالغ 500 مليون دولار الذي ذهب الكم الاكبر منه لإعادة تأهيل الشبكات الكهربائية لأن الوزارة تؤمن بأن ذلك يسهم بإعادة إعمار المناطق بأسرع وقت ممكن، فالكهرباء من أولويات الامن الوطني، والآن وصلت الكهرباء الى القائم وتجري إعادة إعمار الشبكات والمحطات واستدراج الشركات للعمل في تلك المناطق.