ابراهيم العبادي
رغم كثرة الأزمات والمشكلات التي يعج بها الواقع العراقي الداخلي، وتلك التي لها صلة بالعراق خارجيا، الا ان حكومة السيد عادل عبدالمهدي ،تسعى بجد للتعامل معها من منطلق اطفائي الحرائق، يعرف رئيس الوزراء وغيره، ان القدرة على ادارة عدة ازمات داخلية وخارجية امر في غاية الصعوبة والتعقيد، فبعض مشكلات العراق المزمنة وليد التوليفة الاجتماعية - السياسية، وبعضها الاخر ناتج من عيوب تأسيس النظام السياسي ومؤسساته منذ عام 2003، وكثير من هذه المشكلات له امتدادات خارجية، ارتبطت به مصالح دول وعمقتها سياساتها ازاء العراق ومجتمعه ودوره في المنطقة، لكن اخطر تلك المشكلات يتعلق بانقسام العراقيين واختلاف رؤاهم ومصالحهم وتصورات كل جماعة أو فئة لماينبغي ان تكون عليه مواقف العراق وسياساته المحلية والاقليمية والدولية.
هذه الانقسامات تحمل في جوهرها تعددية لا يمكن اختزالها والقفز عليها بسهولة، فهكذا هو مجتمع العراق، وهذه هي ثقافة العراقيين السياسية، وهذا هو نمط الاجتماع السياسي العراقي بكل صراعاته التاريخية وتجلياته المختلفة، حاضرا ومستقبلا، القضية التي تغيب عن روح التنافس والصراع السياسي في العراق وحول العراق، هي وعي العراقيين بذاتهم السياسية وبآفاق الحل لمشكلاتهم، اذ يندر ان تجد عراقيين اثنين متفقين على قاسم مشترك يوحدهما للسير قدما باتجاه حل المشكلات وادارة الازمات، استمرار حالة التعارض هذه ينعكس سياسيا على اداء الحكومة وتعطل الاجماع النسبي المفترض لصياغة منهج موحد للتعامل مع القضايا الكبيرة، اذ يستحيل ان تنجح ادارة سياسية للبلاد، اذا كانت سفينة الحكومة تسير وسط امواج عاتية من الصعوبات السياسية والنفسية في ظل هياج عارم وشكوى من كل الاطراف وفي كل اماكن العراق وجغرافيته الطبيعية والبشرية، هنا تتجلى قدرة وحكمة من يكلف بادارة السلطة السياسية والتنفيذية، فالمبدأ السياسي الاول هو الاعلاء بصوت المطالبات وتحميل الاخرين مسؤولية الاخفاقات، ولا أحد يفكر بمنطق الدولة وكيفية اعادة انتاج سلطة قوية تقوم بمهمة التعامل مع الازمات والمشكلات بما يستجيب لمصالح المواطن الفرد وهمومه واحتياجاته، قبل مصالح المواطنين المتجمعين ضمن جماعات وهيئات سياسية، فالاخيرة تحولت الى قبائل سياسية، محكومة بمنطق القبائل وتحالفاتها وصراعاتها ودورها وارتباطاتها الداخلية والخارجية، هذه القبائلية لا يمكن ان تدار الا بمنطق الدولة التي تمتلك رؤية تمنع تفشي التفسخ السياسي، لذلك يطالب العراقيون استجابة لشعورهم ولاشعورهم السياسي بالحاكم القوي والسلطة النافذة التي تحتكر العنف والقوة والسلاح وتمنع من ينازعها الدور والوظيفة، حيث تحاول قبائلنا السياسية منافسة الدولة في هذا الدور وتسعى للاستيلاء على الوظيفة غير عارفة بمخاطر منهجها، ما تفعله الحكومة وما تنتهجه من سياسة، هو انها تحاول خلق فرص من التوافق واخذ جرعات من الصبر ازاء من يحاول دفعها الى الصدام، وتحييد الاصوات المنفعلة والغاضبة، وتأجيل التعاطي مع المشكلات ذات المضاعفات التفجيرية للوضع السياسي والامني، قد تنجح سياسة المعالجات الهادئة والحذرة في مقاربة الازمات، لكن ايجاد الحلول لمشاكل العراق ستبقى فوق طاقة هذه الحكومة اذا بقيت القبائل السياسية المشاركة فيها تتعاطى مع القضايا المتراكمة بمنطق المصالح والرؤى المتناقضة، فيغدو حادثا خطيرا كالذي حصل في معسكر امرلي مدار غموض متعمد، هل هو هجوم اسرائيلي مخطط استهدف ارضا ومصالح عراقية؟ ام هو حادث عرضي يضاف الى سجل الحوادث الكثيرة التي تعج بها يوميات الدولة العراقية الهشة؟.